صفحة جزء
6459 حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب حدثنا أبو سلمة أن أبا هريرة رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال فقال له رجال من المسلمين فإنك يا رسول الله تواصل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقين فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال فقال لو تأخر لزدتكم كالمنكل بهم حين أبوا تابعه شعيب ويحيى بن سعيد ويونس عن الزهري وقال عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
الحديث الثاني : حديث النهي عن الوصال ، والغرض منه قوله : " فواصل بهم كالمنكل بهم " .

قال ابن بطال عن المهلب : فيه أن التعزير موكول إلى رأي الإمام لقوله : " لو امتد الشهر لزدت " فدل على أن للإمام أن يزيد في التعزير ما يراه ، وهو كما قال ، لكن لا يعارض الحديث المذكور لأنه ورد في عدد من الضرب أو الجلد فيتعلق بشيء محسوس ، وهذا يتعلق بشيء متروك وهو الإمساك عن المفطرات ، والألم فيه يرجع إلى التجويع والتعطيش ، وتأثيرهما في الأشخاص متفاوت جدا ، والظاهر أن الذين واصل بهم كان لهم اقتدار على ذلك في الجملة فأشار إلى أن ذلك لو تمادى حتى ينتهي إلى عجزهم عنه لكان هو المؤثر في زجرهم ، ويستفاد منه أن المراد من التعزير ما يحصل به الردع ، وذلك ممكن في العشر بأن يختلف الحال في صفة الجلد أو الضرب تخفيفا وتشديدا ، والله أعلم .

نعم يستفاد منه جواز التعزير بالتجويع ونحوه من الأمور المعنوية .

قوله : ( تابعه شعيب ويحيى بن سعيد ويونس في الزهري ، وقال عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب : عن سعيد بن المسيب ) أي تابعوا عقيلا في قوله عن أبي سلمة وخالفهم عبد الرحمن بن خالد فقال : سعيد بن المسيب .

قلت : فأما متابعة شعيب فوصلها المؤلف في كتاب الصيام ، وأما متابعة يحيى بن سعيد وهو الأنصاري فوصلها الذهلي في " الزهريات " ، وأما متابعة يونس وهو ابن يزيد فوصلها مسلم من طريق ابن وهب عنه ، وأما رواية عبد الرحمن في خالد فسيأتي الكلام عليها في كتاب الأحكام ، وذكر الإسماعيلي أن أبا صالح رواه عن الليث عن عبد الرحمن المذكور فجمع فيه بين سعيد وأبي سلمة ، قال : وكذا رواه عبد الرحمن بن نمر عن الزهري بسنده إليه كذلك انتهى .

وقد تقدم شرح هذا الحديث في كتاب الصيام .

التالي السابق


الخدمات العلمية