صفحة جزء
باب العين الجارية في المنام

6615 حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله أخبرنا معمر عن الزهري عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أم العلاء وهي امرأة من نسائهم بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت طار لنا عثمان بن مظعون في السكنى حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين فاشتكى فمرضناه حتى توفي ثم جعلناه في أثوابه فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله قال وما يدريك قلت لا أدري والله قال أما هو فقد جاءه اليقين إني لأرجو له الخير من الله والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ولا بكم قالت أم العلاء فوالله لا أزكي أحدا بعده قالت ورأيت لعثمان في النوم عينا تجري فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال ذاك عمله يجري له
قوله : ( باب العين الجارية في المنام ) قال المهلب : العين الجارية تحتمل وجوها ، فإن كان ماؤها صافيا عبرت بالعمل الصالح وإلا فلا .

وقال غيره : العين الجارية عمل جار من صدقة أو معروف لحي أو ميت قد أحدثه أو أجراه .

وقال آخرون : عين الماء نعمة وبركة وخير وبلوغ أمنية إن كان صاحبها مستورا ، فإن كان غير عفيف أصابته مصيبة يبكي لها أهل داره .

قوله : ( عبد الله ) هو ابن المبارك .

قوله : ( عن أم العلاء وهي امرأة من نسائهم ) وتقدم في كتاب الهجرة أنها والدة خارجة بن زيد الراوي عنها هنا وأن هذا الحديث ورد من طريق أبي النضر عن خارجة بن زيد عن أمه ، وذكرت نسبها هناك وأن اسمها كنيتها ، ومنه يؤخذ أن القائل هنا " وهي امرأة من نسائهم " هو الزهري راويه عن خارجة بن زيد ، ووقع في " باب رؤيا النساء " فيما مضى قريبا من طريق عقيل عن ابن شهاب عن خارجة " أن أم العلاء امرأة من الأنصار بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرته " .

وأخرج أحمد وابن سعد بسند فيه علي بن زيد بن جدعان وفيه ضعف من حديث ابن عباس قال : " لما مات عثمان بن مظعون قالت امرأته هنيئا لك الجنة " فذكر نحو هذه القصة ، وقوله : " امرأته " فيه نظر ، فلعله كان فيه " قالت امرأة " بغير ضمير وهي أم العلاء ، ويحتمل أنه كان تزوجها قبل زيد بن ثابت ، ويحتمل أن يكون القول تعدد منهما .

وعند ابن سعد أيضا من [ ص: 429 ] مرسل زيد بن أسلم بسند حسن " قال : سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عجوزا تقول في جنازة عثمان بن مظعون وراء جنازته : هنيئا لك الجنة يا أبا السائب " فذكر نحوه وفيه " بحسبك أن تقولي كان يحب الله ورسوله " .

قوله : ( طار لنا ) تقدم بيانه في " باب القرعة في المشكلات " ، ووقع عند ابن سعد من وجه آخر عن معمر " فتشاحت الأنصار فيهم أن ينزلوهم منازلهم حتى اقترعوا عليهم فطار لنا عثمان بن مظعون " يعني وقع في سهمنا ، كذا وقع التفسير في الأصل وأظنه من كلام الزهري أو من دونه .

قوله : ( حين اقترعت ) في رواية أبي ذر عن غير الكشميهني " أقرعت " بحذف التاء ، ووقع في رواية عقيل المذكورة أنهم " اقتسموا المهاجرين قرعة " .

قوله : ( فاشتكى فمرضناه حتى توفي ) في الكلام حذف تقديره فأقام عندنا مدة فاشتكى أي مرض فمرضناه أي قمنا بأمره في مرضه ، وقد وقع في رواية عقيل " فطار لنا عثمان بن مظعون فأنزلناه في أبياتنا ، فرجع وجعه الذي توفي فيه " .

قلت : وكانت وفاته في شعبان سنة ثلاث من الهجرة أرخه ابن سعد وغيره ، وقد تقدمت سائر فوائده في أول الجنائز والكلام على قوله ما يفعل به والاختلاف فيها ، وقوله في آخره " ذاك عمله يجري له " قيل يحتمل أنه كان لعثمان شيء عمله بقي له ثوابه جاريا كالصدقة ، وأنكره مغلطاي وقال : لم يكن لعثمان بن مظعون شيء من الأمور الثلاث التي ذكرها مسلم من حديث أبي هريرة رفعه " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث " .

قلت : وهو نفي مردود فإنه كان له ولد صالح شهد بدرا وما بعدها وهو السائب مات في خلافة أبي بكر فهو أحد الثلاث ، وقد كان عثمان من الأغنياء فلا يبعد أن تكون له صدقة استمرت بعد موته ، فقد أخرج ابن سعد من مرسل أبي بردة بن أبي موسى قال : " دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - فرأين هيئتها فقلن : ما لك؟ فما في قريش أغنى من بعلك ، فقالت : أما ليله فقائم " الحديث .

ويحتمل أن يراد بعمل عثمان بن مظعون مرابطته في جهاد أعداء الله فإنه ممن يجري له عمله كما ثبت في السنن وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم من حديث فضالة بن عبيد رفعه " كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة ويأمن من فتنة القبر " ، وله شاهد عند مسلم والنسائي والبزار من حديث سلمان رفعه : " رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه ، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمل وأمن الفتان " وله شواهد أخرى ، فليحمل حال عثمان بن مظعون على ذلك ويزول الإشكال من أصله .

التالي السابق


الخدمات العلمية