صفحة جزء
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الفتن باب ما جاء في قول الله تعالى واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من الفتن

6641 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا بشر بن السري حدثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال قالت أسماء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنا على حوضي أنتظر من يرد علي فيؤخذ بناس من دوني فأقول أمتي فيقال لا تدري مشوا على القهقرى قال ابن أبي مليكة اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن
[ ص: 5 ] قوله ( ‏بسم الله الرحمن الرحيم - كتاب الفتن ) في رواية كريمة والأصيلي تأخير البسملة والفتن جمع فتن قال الراغب‏ : أصل الفتن إدخال الذهب في النار لتظهر جودته من رداءته ويستعمل في إدخال الإنسان النار ويطلق على العذاب كقوله : ذوقوا فتنتكم ، وعلى ما يحصل عند العذاب كقوله تعالى ألا في الفتنة سقطوا ‏ ، وعلى الاختبار كقوله وفتناك فتونا ، وفيما يدفع إليه الإنسان من شدة ورخاء وفي الشدة أظهر معنى وأكثر استعمالا قال تعالى ونبلوكم بالشر والخير فتنة ومنه قوله : وإن كادوا ليفتنونك أي يوقعونك في بلية وشدة في صرفك عن العمل بما أوحي إليك‏

وقال أيضا الفتنة تكون من الأفعال الصادرة من الله ومن العبد كالبلية والمصيبة والقل والعذاب والمعصية وغيرها من المكروهات ‏ ، فإن كانت من الله فهي على وجه الحكمة وإن كانت من الإنسان بغير أمر الله فهي مذمومة فقد ذم الله الإنسان بإيقاع الفتنة كقوله ‏ والفتنة أشد من القتل ‏ ، وقوله إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ‏وقوله ما أنتم عليهفاتنين ‏ ، وقوله بأييكم المفتون وكقوله : واحذرهم أن يفتنوك .

وقال غيره‏ أصل الفتنة الاختبار ، ثم استعملت فيا أخرجته المحنة والاختبار إلى المكروه ، ثم أطلقت على كل مكروه أو آيل إليه كالكفر والإثم والتحريق والفضيحة والفجور وغير ذلك‏

[ ص: 6 ] قوله ( باب ما جاء في قول الله تعالى : واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة . قلت : ورد فيه ما أخرجه أحمد والبزار من طريق مطرف بن عبد الله بن الشخير قال : قلنا للزبير - يعني في قصة الجمل - يا أبا عبد الله ما جاء بكم ؟ ضيعتم الخليفة الذي قتل - يعني عثمان - بالمدينة ثم جئتم تطلبون بدمه - يعني بالبصرة - فقال الزبير : إنا قرأنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة لم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت " وأخرج الطبري من طريق الحسن البصري ، قال " قال الزبير : لقد خوفنا بهذه الآية ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما ظننا أنا خصصنا بها " وأخرجه النسائي من هذا الوجه نحوه وله طرق أخرى عن الزبير عند الطبري وغيره ، وأخرج الطبري من طريق السدي قال : نزلت في أهل بدر خاصة فأصابتهم يوم الجمل ، وعند ابن أبي شيبة نحوه ، وعند الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم العذاب " ولهذا الأثر شاهد من حديث عدي بن عميرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه ، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة " أخرجه أحمد بسند حسن وهو عند أبي داود من حديث العرس بن عميرة ، وهو أخو عدي ، وله شواهد من حديث حذيفة وجرير وغيرهما عند أحمد وغيره .

قوله ( وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر ) بالتشديد ( من الفتن ) يشير إلى ما تضمنه حديث الباب من الوعيد على التبديل والإحداث ، فإن الفتن غالبا إنما تنشأ عن ذلك ، ثم ذكر حديث أسماء بنت أبي بكر مرفوعا أنا على حوضي أنتظر من يرد علي ، فيؤخذ بناس ذات الشمال الحديث وحديث عبد الله بن مسعود رفعه أنا فرطكم على الحوض فليرفعن إلي أقوام الحديث . وحديث سهل بن سعد بمعناه ، ومعه حديث أبي سعيد وفي جميعها : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " لفظ ابن مسعود والآخرين بمعناه ، وقد تقدمت في ذكر الحوض آخر كتاب الرقاق وتقدم شرحها في " باب الحشر " قبل ذلك في كتاب الرقاق أيضا ، وقوله في حديث أسماء " حدثنا بشر بن السري " هو بكسر الموحدة وسكون المعجمة وأبوه بفتح المهملة وكسر الراء بعدها ياء ثقيلة ، وبشر بصري سكن مكة وكان صاحب مواعظ فلقب الأفوه ، وهو ثقة عند الجميع إلا أنه كان تكلم في شيء يتعلق برؤية الله في الآخرة فقام عليه الحميدي فاعتذر وتنصل فتكلم فيه بعضهم حتى قال ابن معين رأيته بمكة يدعو على من ينسبه لرأي جهم ، وقال ابن عدي : له أفراد وغرائب . قلت : وليس له في البخاري سوى هذا الموضع ، وقد وضح أنه متابعة

التالي السابق


الخدمات العلمية