صفحة جزء
6645 حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث عن الجعد عن أبي رجاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كره من أميره شيئا فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية
الحديث الثالث والرابع حديث ابن عباس من وجهين في الثاني التصريح بالتحديث والسماع في موضعي العنعنة في الأول .

[ ص: 9 ] قوله ( عبد الوارث ) هو ابن سعيد ، والجعد هو أبو عثمان المذكور في السند الثاني ، وأبو رجاء هو العطاردي واسمه عمران .

قوله ( من كره من أميره شيئا فليصبر ) زاد في الرواية الثانية : عليه " .

قوله ( فإنه من خرج من السلطان ) أي من طاعة السلطان ، ووقع عند مسلم " فإنه ليس أحد من الناس يخرج من السلطان " وفي الرواية الثانية " من فارق الجماعة " ، وقوله " شبرا " بكسر المعجمة وسكون الموحدة ، وهي كناية عن معصية السلطان ومحاربته . قال ابن أبي جمرة : المراد بالمفارقة السعي في حل عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير ولو بأدنى شيء ، فكني عنها بمقدار الشبر ؛ لأن الأخذ في ذلك يئول إلى سفك الدماء بغير حق .

قوله : مات ميتة جاهلية ) في الرواية الأخرى : فمات إلا مات ميتة جاهلية " وفي رواية لمسلم : فميتته ميتة جاهلية ، وعنده في حديث ابن عمر رفعه " من خلع يدا من طاعة لقي الله ولا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية " قال الكرماني : الاستثناء هنا بمعنى الاستفهام الإنكاري ، أي ما فارق الجماعة أحد إلا جرى له كذا ، أو حذفت " ما " فهي مقدرة ، أو " إلا " زائدة أو عاطفة على رأي الكوفيين ، والمراد بالميتة الجاهلية وهي بكسر الميم حالة الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال وليس له إمام مطاع ؛ لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك ، وليس المراد أنه يموت كافرا بل يموت عاصيا ، ويحتمل أن يكون التشبيه على ظاهره ، ومعناه أنه يموت مثل موت الجاهلي وإن لم يكن هو جاهليا ، أو أن ذلك ورد مورد الزجر والتنفير وظاهره غير مراد ، ويؤيد أن المراد بالجاهلية التشبيه قوله في الحديث الآخر من فارق الجماعة شبرا فكأنما خلع ربقة الإسلام من عنقه أخرجه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان ومصححا من حديث الحارث بن الحارث الأشعري في أثناء حديث طويل ، وأخرجه البزار والطبراني في " الأوسط " من حديث ابن عباس وفي سنده خليد بن دعلج وفيه مقال ، وقال : من رأسه " بدل " عنقه " قال ابن بطال : في الحديث حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار ، وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء ، وحجتهم هذا الخبر وغيره مما يساعده ، ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها كما في الحديث الذي بعده .

التالي السابق


الخدمات العلمية