صفحة جزء
6667 حدثنا مسدد حدثنا يحيى حدثنا قرة بن خالد حدثنا ابن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة وعن رجل آخر هو أفضل في نفسي من عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال ألا تدرون أي يوم هذا قالوا الله ورسوله أعلم قال حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال أليس بيوم النحر قلنا بلى يا رسول الله قال أي بلد هذا أليست بالبلدة الحرام قلنا بلى يا رسول الله قال فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت قلنا نعم قال اللهم اشهد فليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ يبلغه لمن هو أوعى له فكان كذلك قال لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض فلما كان يوم حرق ابن الحضرمي حين حرقه جارية بن قدامة قال أشرفوا على أبي بكرة فقالوا هذا أبو بكرة يراك قال عبد الرحمن فحدثتني أمي عن أبي بكرة أنه قال لو دخلوا علي ما بهشت بقصبة
الحديث الثالث : قوله : يحيى ) هو ابن سعيد القطان والسند كله بصريون .

قوله : ابن سيرين ) هو محمد .

قوله ( وعن رجل آخر ) هو حميد بن عبد الرحمن الحميري كما وقع مصرحا به في " باب الخطبة أيام منى " من كتاب الحج ، وقد تقدم شرح الخطبة المذكورة في كتاب الحج ، وقوله : أبشاركم " بموحدة ومعجمة جمع بشرة وهو ظاهر جلد الإنسان ، وأما البشر الذي هو الإنسان فلا يثنى ولا يجمع ، وأجازه بعضهم لقوله تعالى : فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا ) ، وقوله " فإنه " الهاء ضمير الشأن ، وقوله " رب مبلغ " بفتح اللام الثقيلة و " يبلغه " بكسرها ، وقوله " من هو " في رواية الكشميهني " لمن هو " .

[ ص: 31 ] قوله : أوعى له ) زاد في رواية الحج " منه " .

قوله ( فكان كذلك ) هذه جملة موقوفة من كلام محمد بن سيرين تخللت بين الجمل المرفوعة كما وقع التنبيه عليه واضحا في ، باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب ، من كتاب العلم .

قوله : ( قال لا ترجعوا ) هو بالسند المذكور من رواية محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة ، وقد قال البزار بعد تخريجه بطوله لا نعلم من رواه بهذا اللفظ إلا قرة عن محمد بن سيرين .

قوله ( فلما كان يوم حرق ابن الحضرمي ) في رواية محمد بن أبي بكر المقدمي عن يحيى القطان عند الإسماعيلي : قال فلما كان " وفاعل قال هو عبد الرحمن بن أبي بكرة ، وحرق بضم أوله على البناء للمجهول ، ووقع في خط الدمياطي : الصواب أحرق ، وتبعه بعض الشراح ، وليس الآخر بخطأ بل جزم أهل اللغة باللغتين أحرقه وحرقه والتشديد للتكثير ، والتقدير هنا يوم حرق ابن الحضرمي ومن معه ، وابن الحضرمي فيما ذكره العسكري اسمه عبد الله بن عمرو بن الحضرمي وأبوه عمرو هو أول من قتل من المشركين يوم بدر ، وعلى هذا فلعبد الله رؤية ، وقد ذكره بعضهم في الصحابة ؛ ففي الاستيعاب : قال الواقدي ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وروي عن عمر وعند المدائني أنه عبد الله بن عامر الحضرمي وهو ابن عمرو المذكور ، والعلاء بن الحضرمي الصحابي المشهور عمه ، واسم الحضرمي عبد الله بن مالك وكان حالف بني أمية في الجاهلية ، وأم ابن الحضرمي المذكور أرنب بنت كريز بن ربيعة وهي عمة عبد الله بن عامر بن كريز الذي كان أمير البصرة في زمن عثمان .

قوله : حين حرقه جارية ) بجيم وتحتانية ( ابن قدامة ) أي : ابن مالك بن زهير بن الحصين التميمي السعدي ، وكان السبب في ذلك ما ذكره العسكري في الصحابة كان جارية يلقب محرقا لأنه أحرق ابن الحضرمي بالبصرة ، وكان معاوية وجه ابن الحضرمي إلى البصرة ليستنفرهم على قتال علي ، فوجه على جارية بن قدامة فحصره ، فتحصن منه ابن الحضرمي في دار فأحرقها جارية عليه . وذكر الطبري في حوادث سنة ثمان وثلاثين من طريق أبي الحسن المدائني ، وكذا أخرجه عمر بن شبة في " أخبار البصرة " أن عبد الله بن عباس خرج من البصرة وكان عاملها لعلي واستخلف زياد بن سمية على البصرة ، فأرسل معاوية عبد الله بن عمرو بن الحضرمي ليأخذ له البصرة ، فنزل في بني تميم ، وانضمت إليه العثمانية ، فكتب زياد إلى علي يستنجده ، فأرسل إليه أعين بن ضبيعة المجاشعي فقتل غيلة ، فبعث علي بعده جارية بن قدامة فحصر ابن الحضرمي في الدار التي نزل فيها ثم أحرق الدار عليه وعلى من معه وكانوا سبعين رجلا أو أربعين ، وأنشد في ذلك أشعارا ، فهذا هو المعتمد ، وأما ما حكاه ابن بطال عن المهلب أن ابن الحضرمي رجل امتنع من الطاعة ، فأخرج إليه جارية بن قدامة فصلبه على جذع ثم ألقى النار في الجذع الذي صلب عليه ، فما أدري ما مستنده فيه ، وكأنه قاله بالظن ، والذي ذكره الطبري هو الذي ذكره أهل العلم بالأخبار ، وكان الأحنف يدعو جارية عما إعظاما له ، قاله الطبري ومات جارية في خلافة يزيد بن معاوية قاله ابن حبان ، ويقال إنه جويرية بن قدامة الذي روى قصة قتل عمر كما تقدم .

قوله : قال أشرفوا على أبي بكرة ) أي اطلعوا من مكان مرتفع فرأوه ، زاد البزار عن يحيى بن حكيم عن القطان : وهو في حائط له " .

قوله : ( فقالوا هذا أبو بكرة يراك ) قال المهلب : لما فعل جارية بابن الحضرمي ما فعل أمر جارية بعضهم أن [ ص: 32 ] يشرفوا على أبي بكرة ليختبر إن كان محاربا أو في الطاعة ، وكان قد قال له خيثمة : هذا أبو بكرة يراك وما صنعت بابن الحضرمي فربما أنكر عليك بسلاح أو بكلام . فلما سمع أبو بكرة ذلك وهو في علية له قال : لو دخلوا علي داري ما رفعت عليهم قصبة ؛ لأني لا أرى قتال المسلمين فكيف أن أقاتلهم بسلاح . قلت : ومقتضى ما ذكره أهل العلم بالأخبار كالمدائني أن ابن عباس كان استنفر أهل البصرة بأمر علي ليعاودوا محاربة معاوية بعد الفراغ من أمر التحكيم ، ثم وقع أمر الخوارج فسار ابن عباس إلى علي فشهد معه النهروان ، فأرسل بعض عبد القيس في غيبته إلى معاوية يخبره أن بالبصرة جماعة من العثمانية ، ويسأله توجيه رجل يطلب بدم عثمان ، فوجه ابن الحضرمي ، فكان من أمره ما كان ، فالذي يظهر أن جارية بن قدامة بعد أن غلب وحرق ابن الحضرمي ومن معه استنفر الناس بأمر علي ، فكان من رأي أبي بكرة ترك القتال في الفتنة كرأي جماعة من الصحابة ، فدل بعض الناس على أبي بكرة ليلزموه الخروج إلى القتال فأجابهم بما قال .

قوله : قال عبد الرحمن ) هو ابن أبي بكرة الراوي ، وهو موصول بالسند المذكور .

قوله ( فحدثتني أمي ) هي هالة بنت غليظ العجلية ، ذكر ذلك خليفة بن خياط في تاريخه ، وتبعه أبو أحمد الحاكم وجماعة ، وسمى ابن سعد أمه هولة والله أعلم . وذكر البخاري في تاريخه وابن سعد أن عبد الرحمن كان أول مولود ولد بالبصرة بعد أن بنيت ، وأرخها ابن زيد سنة أربع عشرة وذلك في أوائل خلافة عمر رضي الله عنه .

قوله : لو دخلوا علي ) بتشديد الياء .

قوله : ( ما بهشت ) بكسر الهاء وسكون المعجمة ، وللكشميهني بفتح الهاء وهما لغتان ، والمعنى ما دافعتهم يقال بهش بعض القوم إلى بعض إذا تراموا للقتال ، فكأنه قال ما مددت يدي إلى قصبة ولا تناولتها لأدافع بها عني . وقال ابن التين : ما قمت إليهم بقصبة " يقال بهش له إذا ارتاح له وخف إليه ، وقيل معناه ما رميت وقيل معناه ما تحركت ، وقال صاحب النهاية : المراد ما أقبلت إليهم مسرعا أدفعهم عني ولا بقصبة ، ويقال لمن نظر إلى شيء فأعجبه واشتهاه أو أسرع إلى تناوله : بهش إلى كذا ، ويستعمل أيضا في الخير والشر ، يقال بهش إلى معروف فلان في الخير وبهش إلى فلان تعرض له بالشر ، ويقال بهش القوم بعضهم إلى بعض إذا ابتدروا في القتال وهذا الذي قاله أبو بكرة يوافق ما وقع عند أحمد من حديث ابن مسعود في ذكر الفتنة " قلت يا رسول الله فما تأمرني إن أدركت ذلك ؟ قال : كف يدك ولسانك وادخل دارك ، قلت يا رسول الله أرأيت إن دخل رجل علي داري ؟ قال : فادخل بيتك . قال قلت : أفرأيت إن دخل علي بيتي ، قال فادخل مسجدك - وقبض بيمينه على الكوع - وقل ربي الله حتى تموت على ذلك . وعند الطبراني من حديث جندب : ادخلوا بيوتكم وأخملوا ذكركم قال : أرأيت إن دخل على أحدنا بيته قال : ليمسك بيده وليكن عبد الله المقتول لا القاتل . ولأحمد وأبي يعلى من حديث خرشة بن الحر " فمن أتت عليه فليمش بسيفه إلى صفاة فليضربه بها حتى ينكسر ثم ليضطجع لها حتى تنجلي " وفي حديث أبي بكرة عند مسلم : قال رجل يا رسول الله أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين فجاء سهم أو ضربني رجل بسيف ؟ قال : يبوء بإثمه وإثمك " الحديث . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية