صفحة جزء
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة

6840 حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي حدثنا سفيان عن مسعر وغيره عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال قال رجل من اليهود لعمر يا أمير المؤمنين لو أن علينا نزلت هذه الآية اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا لاتخذنا ذلك اليوم عيدا فقال عمر إني لأعلم أي يوم نزلت هذه الآية نزلت يوم عرفة في يوم جمعة سمع سفيان من مسعر ومسعر قيسا وقيس طارقا
[ ص: 259 ] قوله : بسم الله الرحمن الرحيم - كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ) ، " الاعتصام " افتعال من العصمة والمراد امتثال قوله تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا الآية ، قال الكرماني هذه الترجمة منتزعة من قوله تعالى : واعتصموا بحبل الله جميعا لأن المراد بالحبل : الكتاب والسنة على سبيل الاستعارة ، والجامع كونهما سببا للمقصود وهو الثواب والنجاة من العذاب ، كما أن الحبل سبب لحصول المقصود به من السقي وغيره . والمراد " بالكتاب " القرآن المتعبد بتلاوته و " بالسنة " ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقواله وأفعاله وتقريره وما هم بفعله . والسنة في أصل اللغة الطريقة وفي اصطلاح الأصوليين والمحدثين ما تقدم ، وفي اصطلاح بعض الفقهاء ما يرادف المستحب ، قال ابن بطال : لا عصمة لأحد إلا في كتاب الله أو في سنة رسوله أو في إجماع [ ص: 260 ] العلماء على معنى في أحدهما ، ثم تكلم على السنة باعتبار ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي بيانه بعد باب ، ثم ذكر فيه خمسة أحاديث .

الحديث الأول : قوله : سفيان عن مسعر وغيره ) أما " سفيان " فهو ابن عيينة و " مسعر " هو ابن كدام بكسر الكاف وتخفيف الدال ، و " الغير " الذي أبهم معه لم أر من صرح به إلا أنه يحتمل أن يكون سفيان الثوري ، فإن أحمد أخرجه من روايته عن " قيس بن مسلم " وهو الجدلي بفتح الجيم والمهملة كوفي يكنى أبا عمرو ، كان عابدا ثقة ثبتا وقد نسب إلى الإرجاء ، وفي الرواة قيس بن مسلم آخر لكنه شامي غير مشهور ، روى عن عبادة بن الصامت وحديثه عنه في " كتاب خلق الأفعال " للبخاري و " طارق بن شهاب " هو الأحمسي معدود في الصحابة لأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو كبير لكن لم يثبت له منه سماع .

قوله ( قال رجل من اليهود ) تقدم الكلام عليه في " كتاب الإيمان " وفي تفسير سورة المائدة مع شرح سائر الحديث ، وحاصل جواب عمر " أنا اتخذنا ذلك اليوم عيدا " على وفق ما ذكرت .

قوله : سمع سفيان مسعرا ومسعر قيسا وقيس طارقا ) هو كلام البخاري يشير إلى أن العنعنة المذكورة في هذا السند محمولة عنده على السماع لاطلاعه على سماع كل منهم من شيخه ، وقوله سبحانه اليوم أكملت لكم دينكم ظاهره يدل على أن أمور الدين كملت عند هذه المقالة وهي قبل موته صلى الله عليه وسلم بنحو ثمانين يوما فعلى هذا لم ينزل بعد ذلك من الأحكام شيء وفيه نظر ، وقد ذهب جماعة إلى أن المراد بالإكمال ما يتعلق بأصول الأركان لا ما يتفرع عنها ، ومن ثم لم يكن فيها متمسك لمنكري القياس ، ويمكن دفع حجتهم على تقدير تسليم الأول بأن استعمال القياس في الحوادث متلقى من أمر الكتاب ، ولو لم يكن إلا عموم قوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وقد ورد أمره بالقياس وتقريره عليه فاندرج في عموم ما وصف بالكمال ، ونقل ابن التين عن الداودي أنه قال في قوله تعالى وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم قال أنزل سبحانه وتعالى كثيرا من الأمور مجملا ، ففسر نبيه ما احتيج إليه في وقته وما لم يقع في وقته وكل تفسيره إلى العلماء بقوله تعالى ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية