صفحة جزء
6861 حدثنا يوسف بن موسى حدثنا أبو أسامة عن بريد بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء كرهها فلما أكثروا عليه المسألة غضب وقال سلوني فقام رجل فقال يا رسول الله من أبي قال أبوك حذافة ثم قام آخر فقال يا رسول الله من أبي فقال أبوك سالم مولى شيبة فلما رأى عمر ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغضب قال إنا نتوب إلى الله عز وجل
الحديث الثالث وهو ما يتعلق بالقسم الأول وكذا الرابع والثامن والتاسع ، حديث أبي موسى قال " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء كرهها فلما أكثروا عليه المسألة غضب " عرف من هذه الأسئلة ما تقدم في تفسير المائدة في بيان المسائل المرادة بقوله تعالى لا تسألوا عن أشياء ومنها سؤال من سأل " أين ناقتي " وسؤال من سأل عن البحيرة والسائبة ، وسؤال من سأل عن وقت الساعة وسؤال من سأل عن الحج أيجب كل عام وسؤال من سأل أن يحول الصفا ذهبا وقد وقع في حديث أنس من رواية هشام وغيره عن قتادة عنه في الدعوات وفي الفتن : سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة ، ومعنى أحفوه وهو بالمهملة والفاء : أكثروا عليه حتى جعلوه كالحافي ، يقال أحفاه في السؤال إذا ألح عليه .

قوله : وقال سلوني ) في حديث أنس المذكور فصعد المنبر فقال : لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم وفي رواية سعيد بن بشير عن قتادة عند أبي حاتم ، فخرج ذات يوم حتى صعد المنبر " وبين في رواية الزهري المذكورة في هذا الباب وقت وقوع ذلك وأنه بعد أن صلى الظهر ، ولفظه : خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر فلما سلم قام على المنبر فذكر الساعة ثم قال من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل عنه فذكر نحوه " .

قوله : فقام رجل فقال : يا رسول الله ، من أبي ) بين في حديث أنس من رواية الزهري اسمه ، وفي رواية [ ص: 284 ] قتادة سبب سؤاله ، قال : فقام رجل كان إذا لاحى - أي خاصم - دعي إلى غير أبيه ، وذكرت اسم السائل الثاني ، وأنه سعد وإني نقلته من ترجمة سهيل بن أبي صالح من تمهيد ابن عبد البر وزاد في رواية الزهري الآتية بعد حديثين ، فقام إليه رجل فقال : أين مدخلي يا رسول الله ، قال النار . ولم أقف على اسم هذا الرجل في شيء من الطرق ، كأنهم أبهموه عمدا للستر عليه وللطبراني من حديث أبي فراس الأسلمي نحوه وزاد وسأله رجل في الجنة أنا ؟ قال في الجنة ولم أقف على اسم هذا الآخر ، ونقل ابن عبد البر عن رواية مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته ، لا يسألني أحد عن شيء إلا أخبرته ، ولو سألني عن أبيه ، فقام عبد الله بن حذافة وذكر فيه عتاب أمه له وجوابه . وذكر فيه " فقام رجل فسأل عن الحج " فذكره وفيه : فقام سعد مولى شيبة فقال : من أنا يا رسول الله ؟ قال أنت سعد بن سالم مولى شيبة ، وفيه : فقام رجل من بني أسد فقال : أين أنا ؟ قال في النار . فذكر قصة عمر قال : فنزلت يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء الآية " ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال وكثرة السؤال " وبهذه الزيادة يتضح أن هذه القصة سبب نزول لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم فإن المساءة في حق هذا جاءت صريحة ، بخلافها في حق عبد الله بن حذافة فإنها بطريق الجواز ، أي لو قدر أنه في نفس الأمر لم يكن لأبيه فبين أباه الحقيقي لافتضحت أمه ، كما صرحت بذلك أمه حين عاتبته على هذا السؤال كما تقدم في " كتاب الفتن " .

قوله ( فلما رأى عمر ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغضب ) بين في حديث أنس أن الصحابة كلهم فهموا ذلك ، ففي رواية هشام " فإذا كل رجل لافا رأسه في ثوبه يبكي " وزاد في رواية سعيد بن بشير " وظنوا أن ذلك بين يدي أمر قد حضر " وفي رواية موسى بن أنس عن أنس الماضية في تفسير المائدة " فغضوا رءوسهم لهم خنين " زاد مسلم من هذا الوجه " فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كان أشد منه " .

قوله : فقال : إنا نتوب إلى الله عز وجل ) زاد في رواية الزهري " فبرك عمر على ركبته فقال : رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا " وفي رواية قتادة من الزيادة : نعوذ بالله من شر الفتن . وفي مرسل السدي عند الطبري في نحو هذه القصة " فقام إليه عمر فقبل رجله وقال : رضينا بالله ربا " . فذكر مثله وزاد " وبالقرآن إماما ، فاعف عفا الله عنك فلم يزل به حتى رضي " وفي هذا الحديث غير ما يتعلق بالترجمة ، مراقبة الصحابة أحوال النبي صلى الله عليه وسلم وشدة إشفاقهم إذا غضب ، خشية أن يكون لأمر يعم فيعمهم ، وإدلال عمر عليه ، وجواز تقبيل رجل الرجل ، وجواز الغضب في الموعظة ، وبروك الطالب بين يدي من يستفيد منه ، وكذا التابع بين يدي المتبوع إذا سأله في حاجة ، ومشروعية التعوذ من الفتن عند وجود شيء قد يظهر منه قرينة وقوعها ، واستعمال المزاوجة في الدعاء في قوله : اعف عفا الله عنك " وإلا فالنبي صلى الله عليه وسلم معفو عنه قبل ذلك . قال ابن عبد البر سئل مالك عن معنى النهي عن كثرة السؤال ، فقال ما أدري أنهى عن الذي أنتم فيه من السؤال عن النوازل ، أو عن مسألة الناس المال ، قال ابن عبد البر : الظاهر الأول ، وأما الثاني فلا معنى للتفرقة بين كثرته وقلته لا حيث يجوز ولا حيث لا يجوز قال : وقيل كانوا يسألون عن الشيء ويلحون فيه إلى أن يحرم ، قال : وأكثر العلماء على أن المراد كثرة السؤال عن النوازل والأغلوطات والتوليدات كذا قال : وقد تقدم الإلمام بشيء من ذلك في " كتاب العلم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية