صفحة جزء
ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم وما أجمع عليه الحرمان مكة والمدينة وما كان بها من مشاهد النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار ومصلى النبي صلى الله عليه وسلم والمنبر والقبر

6891 حدثنا إسماعيل حدثني مالك عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله السلمي أن أعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة فجاء الأعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أقلني بيعتي فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاءه فقال أقلني بيعتي فأبى ثم جاءه فقال أقلني بيعتي فأبى فخرج الأعرابي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها
[ ص: 316 ] [ ص: 317 ] [ ص: 318 ] قوله : باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض ) بمهملة وضاد معجمة ثقيلة ، أي حرض بالمهملة وتشديد الراء ، وقوله " على اتفاق أهل العلم " قال الكرماني في بعض الروايات " وما حض عليه من اتفاق " وهو من باب تنازع العاملين وهما ذكر وحض .

قوله ( وما اجتمع عليه الحرمان مكة والمدينة ، وما كان بهما من مشاهد النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار ) في رواية الكشميهني " وما أجمع " بهمزة قطع بغير تاء ، وعنده " وما كان بها " بالإفراد والأول أولى ، قال الكرماني : الإجماع هو اتفاق أهل الحل والعقد ، أي المجتهدين من أمة محمد على أمر من الأمور الدينية ، واتفاق مجتهدي الحرمين دون غيرهم ليس بإجماع عند الجمهور ، وقال مالك : إجماع أهل المدينة حجة ، قال وعبارة البخاري مشعرة بأن اتفاق أهل الحرمين كليهما إجماع . قلت : لعله أراد الترجيح به لا دعوى الإجماع ، وإذا قال بحجية إجماع أهل المدينة وحدها مالك ومن تبعه فهم قائلون به إذا وافقهم أهل مكة بطريق الأولى ، وقد نقل ابن التين عن سحنون اعتبار إجماع أهل مكة مع أهل المدينة ، قال حتى لو اتفقوا كلهم وخالفهم ابن عباس في شيء لم يعد إجماعا ، وهو مبني على أن ندرة المخالف تؤثر في ثبوت الإجماع .

قوله : ومصلى النبي صلى الله عليه وسلم والمنبر والقبر ) هذه الثلاثة مجرورة عطفا على قوله " مشاهد " ، ثم ذكر فيه أربعة وعشرين حديثا .

الحديث الأول : حديث جابر . قوله : إسماعيل ) هو ابن أبي أويس .

قوله : السلمي ) بفتح المهملة واللام .

قوله ( أن أعرابيا ) تقدم القول في اسمه وفي أي شيء استقال منه ، وضبط ينصع في أواخر الحج في فضل المدينة ، وكذا قوله " كالكير " مع سائر شرحه ولله الحمد . قال ابن بطال : عن المهلب فيه تفضيل المدينة على غيرها بما خصها الله به من أنها تنفي الخبث ، ورتب على ذلك القول بحجية إجماع أهل المدينة ، وتعقب بقول ابن عبد البر أن الحديث دال على فضل المدينة ، ولكن ليس الوصف المذكور عاما لها في جميع الأزمنة ، بل هو خاص بزمن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يكن يخرج منها رغبة عن الإقامة معه إلا من لا خير فيه ، وقال عياض نحوه ، وأيده بحديث أبي هريرة الذي أخرجه مسلم لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها ، كما ينفي الكير خبث الفضة قال : والنار إنما تخرج الخبث والرديء ، وقد خرج من المدينة بعد النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من خيار الصحابة ، وقطنوا غيرها وماتوا خارجا عنها ، كابن مسعود وأبي موسى وعلي أو أبي ذر وعمار وحذيفة وعبادة بن الصامت وأبي عبيدة ومعاذ وأبي الدرداء وغيرهم ، فدل على أن ذلك خاص بزمنه صلى الله عليه وسلم بالقيد المذكور ، ثم يقع تمام إخراج الرديء منها في زمن محاصرة الدجال ، كما تقدم بيان ذلك واضحا في آخر " كتاب الفتن " وفيه : فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه ، فذلك يوم الخلاص .

التالي السابق


الخدمات العلمية