صفحة جزء
6897 وعن هشام عن أبيه أن عمر أرسل إلى عائشة ائذني لي أن أدفن مع صاحبي فقالت إي والله قال وكان الرجل إذا أرسل إليها من الصحابة قالت لا والله لا أوثرهم بأحد أبدا
الحديث السابع : قوله ( وعن هشام عن أبيه ) هو موصول بالسند الذي قبله ، وقد أخرجه الإسماعيلي من وجه آخر عن أبي أسامة موصولا " أن عمر أرسل إلى عائشة " هذا صورته الإرسال ، لأن عروة لم يدرك زمن إرسال عمر إلى عائشة ، لكنه محمول على أنه حمله عن عائشة فيكون موصولا .

قوله : مع صاحبي ) بالتثنية .

قوله ( فقالت : إي والله ، قال : وكان الرجل إذا أرسل إليها من الصحابة ) هو متعلق بقوله الرجل ، ولفظ الرسالة محذوف وتقديره يسألها أن يدفن معهم ، وجواب الشرط " قالت " إلخ .

قوله : قالت : لا والله لا أوثرهم بأحد أبدا ) بالمثلثة من الإيثار ، قال ابن التين : كذا وقع ، والصواب " لا أوثر أحدا بهم أبدا " قال شيخنا ابن الملقن : ولم يظهر لي وجه صوابه انتهى . وكأنه يقول إنه مقلوب وهو كذلك ، وبذلك صرح صاحب المطالع ثم الكرماني قال : ويحتمل أن يكون المراد لا أثيرهم بأحد ، أي لا أنبشهم لدفن أحد ، والباء بمعنى اللام واستشكله ابن التين بقولها في قصة عمر " لأوثرنه على نفسي " وأجاب باحتمال أن يكون الذي آثرته به المكان الذي دفن فيه من وراء قبر أبيها بقرب النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لا ينفي وجود مكان آخر في الحجرة . قلت : وذكر ابن سعد من طرق أن الحسن بن علي أوصى أخاه أن يدفنه عندهم إن لم يقع بذلك فتنة ، فصده عن ذلك بنو أمية فدفن بالبقيع ، وأخرج الترمذي من حديث عبد الله بن سلام قال مكتوب في التوراة " صفة محمد وعيسى ابن مريم عليهما السلام يدفن معه " قال أبو داود أحد رواته : وقد بقي في البيت موضع قبر ، وفي رواية الطبراني " يدفن عيسى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر ، فيكون قبرا رابعا قال ابن بطال عن المهلب إنما كرهت عائشة أن تدفن معهم خشية أن يظن أحد أنها أفضل الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فقد سأل الرشيد مالكا عن منزلة أبي بكر وعمر من النبي صلى الله عليه وسلم في حياته فقال : كمنزلتهما منه بعد مماته ، فزكاهما بالقرب معه في البقعة المباركة والتربة التي خلق منها ، فاستدل على أنهما أفضل الصحابة باختصاصهما بذلك ، وقد احتج أبو بكر الأبهري المالكي بأن المدينة أفضل من مكة بأن النبي صلى الله عليه وسلم مخلوق من تربة المدينة وهو أفضل البشر ، فكانت تربته أفضل الترب انتهى . وكون تربته أفضل الترب لا نزاع فيه ، وإنما النزاع هل يلزم من ذلك أن تكون المدينة أفضل من مكة ؟ لأن المجاور للشيء لو ثبت له جميع مزاياه لكن لما جاور ذلك المجاور نحو ذلك ، فيلزم أن يكون ما جاور المدينة أفضل من مكة ، وليس كذلك اتفاقا ، كذا أجاب به بعض المتقدمين وفيه نظر .

التالي السابق


الخدمات العلمية