صفحة جزء
6969 حدثنا عبدان عن أبي حمزة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما خلق الله الخلق كتب في كتابه وهو يكتب على نفسه وهو وضع عنده على العرش إن رحمتي تغلب غضبي
الحديث الثاني : قوله : كتب في كتابه وهو يكتب على نفسه ) كذا لأبي ذر وسقطت الواو لغيره ، وعلى الأول فالجملة حالية ، وعلى الثاني فيكتب على نفسه بيان لقوله " كتب " والمكتوب هو قوله " إن رحمتي " إلخ ، وقوله " وهو " أي المكتوب وضع بفتح فسكون أي موضوع ، ووقع كذلك في الجمع للحميدي بلفظ موضوع وهي رواية الإسماعيلي فيما أخرجه من وجه آخر عن أبي حمزة المذكور في السند وهو بالمهملة والزاي واسمه محمد بن ميمون السكري ، وحكى عياض عن رواية أبي ذر وضع بالفتح على أنه فعل ماض مبني للفاعل ، ورأيته في نسخة معتمدة بكسر الضاد مع التنوين ، وقد مضى شرح هذا الحديث في أوائل بدء الخلق ، ويأتي شيء من الكلام عليه في باب وكان عرشه على الماء وفي باب بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ أواخر الكتاب إن شاء الله تعالى ، وأما قوله " عنده " فقال ابن بطال : عند في اللغة للمكان ، والله منزه عن الحلول في المواضع ؛ لأن الحلول عرض يفنى وهو حادث والحادث لا يليق بالله ، فعلى هذا قيل معناه إنه سبق علمه بإثابة من يعمل بطاعته وعقوبة من يعمل بمعصيته ، ويؤيده قوله في الحديث الذي بعده أنا عند ظن عبدي بي ولا مكان هناك قطعا ، وقال الراغب عند لفظ موضوع للقرب ويستعمل في المكان وهو الأصل ، ويستعمل في الاعتقاد ، تقول : عندي في كذا كذا أي أعتقده ، ويستعمل في المرتبة ومنه أحياء عند ربهم وأما قوله إن كان هذا هو الحق من عندك فمعناه من حكمك ، وقال ابن التين معنى العندية في هذا الحديث العلم بأنه موضوع على العرش ، وأما كتبه فليس للاستعانة لئلا ينساه فإنه منزه عن ذلك لا يخفى عنه شيء وإنما كتبه من أجل الملائكة الموكلين بالمكلفين .

التالي السابق


الخدمات العلمية