صفحة جزء
باب قول الله تعالى وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون

7083 حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا منصور عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله رضي الله عنه قال اجتمع عند البيت ثقفيان وقرشي أو قرشيان وثقفي كثيرة شحم بطونهم قليلة فقه قلوبهم فقال أحدهم أترون أن الله يسمع ما نقول قال الآخر يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا وقال الآخر إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه يسمع إذا أخفينا فأنزل الله تعالى وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم الآية
قوله : باب قوله تعالى : وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم الآية ) ساق في [ ص: 505 ] رواية كريمة الآية كلها فيه حديث " عبد الله " وهو ابن مسعود " اجتمع عند البيت " ، وفيه " يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا " فأنزل الله تعالى وما كنتم تستترون وقد تقدم شرحه في تفسير فصلت ، قال ابن بطال : غرض البخاري في هذا الباب إثبات السمع لله وأطال في تقرير ذلك ، وقد تقدم في أوائل التوحيد في قوله وكان الله سميعا بصيرا والذي أقول إن غرضه في هذا الباب إثبات ما ذهب إليه أن الله يتكلم متى شاء ، وهذا الحديث من أمثلة إنزال الآية بعد الآية على السبب الذي يقع في الأرض وهذا ينفصل عنه من ذهب إلى أن الكلام صفة قائمة بذاته وأن الإنزال بحسب الوقائع من اللوح المحفوظ أو من السماء الدنيا كما ورد في حديث ابن عباس رفعه : نزل القرآن دفعة واحدة إلى السماء الدنيا فوضع في بيت العزة ثم أنزل إلى الأرض نجوما رواه أحمد في مسنده وسيأتي مزيد لهذا في الباب الذي يليه ، قال ابن بطال : وفي هذا الحديث إثبات القياس الصحيح وإبطال القياس الفاسد ؛ لأن الذي قال " يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا " قاس قياسا فاسدا ؛ لأنه شبه سمع الله تعالى بأسماع خلقه الذين يسمعون الجهر ولا يسمعون السر ، والذي قال " إن كان يسمع إن جهرنا فإنه يسمع إن أخفينا " أصاب في قياسه حيث لم يشبه الله بخلقه ، ونزهه عن مماثلتهم وإنما وصف الجميع بقلة الفقه ؛ لأن هذا الذي أصاب لم يعتقد حقيقة ما قال بل شك بقوله " إن كان " وقوله في وصفهم " كثيرة شحم بطونهم قليلة فقه قلوبهم " وقع بالرفع على الصفة ويجوز النصب ، وأنث الشحم والفقه لإضافتهما إلى البطون والقلوب ، والتأنيث يسري من المضاف إليه إلى المضاف ، أو أنث بتأويل شحم بشحوم وفقه بفهوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية