صفحة جزء
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم الماهر بالقرآن مع الكرام البررة وزينوا القرآن بأصواتكم

7105 حدثني إبراهيم بن حمزة حدثني ابن أبي حازم عن يزيد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به
[ ص: 528 ] قوله : باب قول النبي صلى الله عليه وسلم الماهر ) أي الحاذق والمراد به هنا جودة التلاوة مع حسن الحفظ .

قوله ( مع سفرة الكرام البررة ) كذا لأبي ذر إلا عن الكشميهني فقال " مع السفرة " وهو كذلك للأكثر ، والأول من إضافة الموصوف إلى صفته والمراد بالسفرة الكتبة جمع سافر مثل كاتب وزنه ومعناه ، وهم هنا الذين ينقلون من اللوح المحفوظ فوصفوا بالكرام أي المكرمين عند الله تعالى ، والبررة أي المطيعين المطهرين من الذنوب وأصل الحديث تقدم مسندا في التفسير لكن بلفظ : مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة ، وأخرجه مسلم بلفظه من طريق زرارة بن أبي أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة مرفوعا : الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، قال القرطبي الماهر : الحاذق وأصله الحذق بالسباحة ؛ قاله الهروي والمراد بالمهارة بالقرآن جودة الحفظ وجودة التلاوة من غير تردد فيه لكونه يسره الله تعالى عليه كما يسره على الملائكة فكان مثلها في الحفظ والدرجة .

قوله ( وزينوا القرآن بأصواتكم ) هذا الحديث من الأحاديث التي علقها البخاري ولم يصلها في موضع آخر من كتابه ، وقد أخرجه في كتاب خلق أفعال العباد من رواية عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بهذا ، وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما من هذا الوجه ، وفي الباب عن أبي هريرة أخرجه ابن حبان في صحيحه ، وعن ابن عباس أخرجه الدارقطني في الأفراد بسند حسن وعن عبد الرحمن بن عوف أخرجه البزار بسند ضعيف ، وعن ابن مسعود وقع لنا في الأول من فوائد عثمان بن السماك ولكنه موقوف ، قال ابن بطال : المراد بقوله " زينوا القرآن بأصواتكم " المد والترتيل والمهارة في القرآن جودة التلاوة بجودة الحفظ فلا يتلعثم ولا يتشكك وتكون قراءته سهلة بتيسير الله تعالى كما يسره على الكرام البررة قال : ولعل البخاري أشار بأحاديث هذا الباب إلى أن الماهر بالقرآن هو الحافظ له مع حسن الصوت به والجهر به بصوت مطرب بحيث يلتذ سامعه انتهى . والذي قصده البخاري إثبات كون التلاوة فعل العبد فإنها يدخلها التزيين والتحسين والتطريب ، وقد يقع بأضداد ذلك وكل ذلك دال على المراد ، وقد أشار إلى ذلك ابن المنير فقال : ظن الشارح أن غرض البخاري جواز قراءة القرآن بتحسين الصوت وليس كذلك ، وإنما غرضه الإشارة إلى ما تقدم من وصف [ ص: 529 ] التلاوة بالتحسين والترجيع والخفض والرفع ومقارنة الأحوال البشرية كقول عائشة " يقرأ القرآن في حجري وأنا حائض " فكل ذلك يحقق أن التلاوة فعل القارئ وتتصف بما تتصف به الأفعال ويتعلق بالظروف الزمانية والمكانية انتهى . ويؤيده ما قال في كتاب خلق أفعال العباد بعد أن أخرج حديث زينوا القرآن بأصواتكم من حديث البراء وعلقه من حديث أبي هريرة رضي الله عنهما ، وذكر حديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : يا أبا موسى لقد أوتيت من مزامير آل داود ، وأخرجه من حديث البراء بلفظ سمع أبا موسى يقرأ فقال كأن هذا من أصوات آل داود ، ثم قال : ولا ريب في تخليق مزامير آل داود وندائهم لقوله تعالى وخلق كل شيء ثم ذكر حديث عائشة : الماهر بالقرآن مع السفرة الحديث ، وحديث أنس أنه سئل عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال كان يمد مدا ، وحديث قطبة بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة الفجر والنخل باسقات لها طلع نضيد يمد بها صوته ثم قال فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن أصوات الخلق وقراءتهم مختلفة بعضها أحسن من بعض وأزين وأحلى وأرتل وأمهر وأمد وغير ذلك ، ثم ذكر فيه ستة أحاديث .

الحديث الأول : حديث أبي هريرة . قوله : ابن أبي حازم ) هو عبد العزيز بن سلمة بن دينار و " يزيد " شيخه هو ابن الهاد ، و " محمد بن إبراهيم " هو التيمي ، وقد تقدمت الإشارة إليه في باب : وأسروا قولكم أو اجهروا به من " كتاب التوحيد " .

التالي السابق


الخدمات العلمية