صفحة جزء
باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة

717 حدثنا علي بن عبد الله قال أخبرنا يحيى بن سعيد قال حدثنا ابن أبي عروبة قال حدثنا قتادة أن أنس بن مالك حدثهم قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد قوله في ذلك حتى قال لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم
قوله : ( باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة ) قال ابن بطال : أجمعوا على كراهة رفع البصر في الصلاة ، واختلفوا فيه خارج الصلاة في الدعاء ، فكرهه شريح وطائفة ، وأجازه الأكثرون ؛ لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة . قال عياض : رفع البصر إلى السماء في الصلاة فيه نوع إعراض عن القبلة ، وخروج عن هيئة الصلاة .

[ ص: 273 ] قوله : ( حدثنا قتادة ) فيه دفع لتعليل ما أخرجه ابن عدي في الكامل فأدخل بين سعيد بن أبي عروبة وقتادة رجلا ، وقد أخرجه ابن ماجه من رواية عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن سعيد - وهو من أثبت أصحابه - وزاد في أوله بيان سبب هذا الحديث ولفظه صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما بأصحابه ، فلما قضى الصلاة أقبل عليهم بوجهه فذكره ، وقد رواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مرسلا لم يذكر أنسا ، وهي علة غير قادحة ؛ لأن سعيدا أعلم بحديث قتادة من معمر ، وقد تابعه همام على وصله عن قتادة أخرجه السراج .

قوله : ( في صلاتهم ) زاد مسلم من حديث أبي هريرة " عند الدعاء " فإن حمل المطلق على هذا المقيد اقتضى اختصاص الكراهة بالدعاء الواقع في الصلاة . وقد أخرجه ابن ماجه وابن حبان من حديث ابن عمر بغير تقييد ولفظه ( لا ترفعوا أبصاركم إلى السماء ) يعني في الصلاة ، وأخرجه بغير تقييد أيضا مسلم من حديث جابر بن سمرة والطبراني من حديث أبي سعيد الخدري وكعب بن مالك ، وأخرج ابن أبي شيبة من رواية هشام بن حسان عن محمد بن سيرين " كانوا يلتفتون في صلاتهم حتى نزلت قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون فأقبلوا على صلاتهم ونظروا أمامهم ، وكانوا يستحبون أن لا يجاوز بصر أحدهم موضع سجوده " . ووصله الحاكم بذكر أبي هريرة فيه ، ورفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال في آخره " فطأطأ رأسه " .

قوله : ( لينتهين ) كذا للمستملي والحموي بضم الياء وسكون النون وفتح المثناة والهاء والياء وتشديد النون على البناء للمفعول والنون للتأكيد ، وللباقين " لينتهن " بفتح أوله وضم الهاء على البناء للفاعل . قوله : ( أو لتخطفن أبصارهم ) ولمسلم من حديث جابر بن سمرة " أو لا ترجع إليهم " يعني أبصارهم . واختلف في المراد بذلك : فقيل هو وعيد ، وعلى هذا فالفعل المذكور حرام ، وأفرط ابن حزم فقال : يبطل الصلاة . وقيل المعنى أنه يخشى على الأبصار من الأنوار التي تنزل بها الملائكة على المصلين كما في حديث أسيد بن حضير الآتي في فضائل القرآن إن شاء الله تعالى ، أشار إلى ذلك الداودي ، ونحوه في جامع حماد بن سلمة عن أبي مجلز أحد التابعين . و " أو " هنا للتخيير نظير قوله تعالى : تقاتلونهم أو يسلمون أي : يكون أحد الأمرين إما المقاتلة وإما الإسلام ، وهو خبر في معنى الأمر .

التالي السابق


الخدمات العلمية