صفحة جزء
764 باب حدثنا معاذ بن فضالة قال حدثنا هشام عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال لأقربن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فكان أبو هريرة رضي الله عنه يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة الصبح بعد ما يقول سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار
[ ص: 332 ] قوله : ( باب ) كذا للجميع بغير ترجمة إلا للأصيلي فحذفه ، وعليه شرح ابن بطال ومن تبعه ، والراجح إثباته كما أن الراجح حذف باب من الذي قبله ، وذلك أن الأحاديث المذكورة فيه لا دلالة فيها على فضل اللهم ربنا لك الحمد إلا بتكلف ، فالأولى أن يكون بمنزلة الفصل من الباب الذي قبله كما تقدم في عدة مواضع ، وذلك أنه لما قال أولا " باب ما يقول الإمام ومن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع " وذكر فيه قوله - صلى الله عليه وسلم - اللهم ربنا ولك الحمد استطرد إلى ذكر فضل هذا القول بخصوصه ، ثم فصل بلفظ " باب " لتكميل الترجمة الأولى فأورد بقية ما ثبت على شرطه مما يقال في الاعتدال كالقنوت وغيره . وقد وجه الزين ابن المنير دخول الأحاديث الثلاثة تحت ترجمة فضل " اللهم ربنا لك الحمد " فقال : وجه دخول حديث أبي هريرة أن القنوت لما كان مشروعا في الصلاة كالتي هي مفتاحه ومقدمته ، ولعل ذلك سبب تخصيص القنوت بما بعد ذكرها . انتهى .

ولا يخفى ما فيه من التكلف ، وقد تعقب من وجه آخر وهو أن الخبر المذكور في الباب لم يقع فيه قول " ربنا لك الحمد " لكن له أن يقول وقع في هذه الطريق اختصار وهي مذكورة في الأصل ، ولم يتعرض لحديث أنس ، لكن له أن يقول إنما أورده استطرادا لأجل ذكر المغرب . قال : وأما حديث رفاعة فظاهر في أن الابتدار الذي تنشأ عنه الفضيلة إنما كان لزيادة قول الرجل ، لكن لما كانت الزيادة المذكورة صفة في التحميد جارية مجرى التأكيد له تعين جعل الأصل سببا أو سببا للسبب فثبتت بذلك الفضيلة ، والله أعلم . وقد ترجم بعضهم له بباب القنوت ولم أره في شيء من روايتنا .

قوله : ( حدثنا هشام ) هو الدستوائي ويحيى هو ابن أبي كثير .

قوله : ( عن أبي سلمة ) في رواية مسلم من طريق معاذ بن هشام عن أبيه عن يحيى " حدثني أبو سلمة " .

[ ص: 333 ] قوله : ( لأقربن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ) في رواية مسلم المذكورة " لأقربن لكم " وللإسماعيلي " إني لأقربكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

قوله : ( فكان أبو هريرة إلى آخره ) قيل المرفوع من هذا الحديث وجود القنوت لا وقوعه في الصلوات المذكورة فإنه موقوف على أبي هريرة ، ويوضحه ما سيأتي في تفسير النساء من رواية شيبان عن يحيى من تخصيص المرفوع بصلاة العشاء ، ولأبي داود من رواية الأوزاعي عن يحيى " قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة العتمة شهرا " ونحوه لمسلم ، لكن لا ينافي هذا كونه - صلى الله عليه وسلم - قنت في غير العشاء ، والظاهر سياق حديث الباب أن جميعه مرفوع ولعل هذا هو السر في تعقب المصنف له بحديث أنس إشارة إلى أن القنوت في النازلة لا يختص بصلاة معينة ، واستشكل التقييد في رواية الأوزاعي بشهر لأن المحفوظ أنه كان في قصة الذين قتلوا أصحاب بئر معونة كما سيأتي في آخر أبواب الوتر ، وسيأتي في تفسير آل عمران من رواية الزهري عن أبي سلمة في هذا الحديث أن المراد بالمؤمنين من كان مأسورا بمكة ، وبالكافرين قريش ، وأن مدته كانت طويلة فيحتمل أن يكون التقييد بشهر في حديث أبي هريرة يتعلق بصفة من الدعاء مخصوصة وهي قوله " اشدد وطأتك على مضر " .

قوله : ( في الركعة الأخرى ) في رواية الكشميهني " الآخرة " وسيأتي بعد باب من رواية الزهري عن أبي سلمة أن ذلك كان بعد الركوع ، وسيأتي في تفسير آل عمران بيان الخلاف في مدة الدعاء عليهم والتنبيه على أحوال من سمى منهم . وقد اختصر يحيى سياق هذا الحديث عن أبي سلمة وطوله الزهري كما سيأتي بعد باب ، وسيأتي في الدعوات بالإسناد الذي ذكره المصنف أتم مما ساقه هنا إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية