صفحة جزء
باب يبدي ضبعيه ويجافي في السجود

774 حدثنا يحيى بن بكير قال حدثني بكر بن مضر عن جعفر عن ابن هرمز عن عبد الله بن مالك ابن بحينة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه وقال الليث حدثني جعفر بن ربيعة نحوه
قوله : ( باب يبدي ضبعيه ) بفتح المعجمة وسكون الموحدة تثنية ضبع وهو وسط العضد من داخل وقيل هو لحمة تحت الإبط .

قوله : ( عن جعفر ) هو ابن ربيعة ، وابن هرمز هو عبد الرحمن الأعرج ، والإسناد كله بصريون .

قوله : ( فرج بين يديه ) أي نحى كل يد عن الجنب الذي يليها ، قال القرطبي : الحكمة في استحباب هذه الهيئة في السجود أنه يخف بها اعتماده عن وجهه ولا يتأثر أنفه ولا جبهته ، ولا يتأذى بملاقاة الأرض ، وقال غيره : هو أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف من الأرض مع مغايرته لهيئة الكسلان ، وقال ناصر الدين بن المنير في الحاشية : الحكمة فيه أن يظهر كل عضو بنفسه ويتميز حتى يكون الإنسان الواحد في سجوده كأنه عدد ، ومقتضى هذا أن يستقل كل عضو بنفسه ولا يعتمد بعض الأعضاء على بعض في سجوده ، وهذا ضد ما ورد في الصفوف من التصاق بعضهم ببعض لأن المقصود هناك إظهار الاتحاد بين المصلين حتى كأنهم جسد واحد ، وروى الطبراني وغيره من حديث ابن عمر بإسناد صحيح أنه قال : " لا تفترش افتراش السبع ، وادعم على راحتيك وأبد ضبعيك ، فإذا فعلت ذلك سجد كل عضو منك " ، ولمسلم من حديث عائشة نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع وأخرج الترمذي وحسنه من حديث عبد الله بن أرقم " صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكنت أنظر إلى عفرتي إبطيه إذا سجد " ، ولابن خزيمة عن أبي هريرة رفعه إذا سجد أحدكم فلا يفترش ذراعيه افتراش الكلب ، وليضم فخذيه ، وللحاكم من حديث ابن عباس نحو حديث عبد الله بن أرقم ، وعنه عند الحاكم " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد يرى وضح إبطيه " وله من حديثه ولمسلم من حديث البراء رفعه إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك وهذه الأحاديث - مع حديث ميمونة عند مسلم " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجافي يديه ، فلو أن بهيمة أرادت أن تمر لمرت " مع حديث ابن بحينة المعلق هنا - ظاهرها وجوب التفريج المذكور ، لكن أخرج أبو داود ما يدل على أنه للاستحباب وهو حديث أبي هريرة شكا أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - له مشقة السجود عليهم إذا انفرجوا ، فقال : استعينوا بالركب وترجم له " الرخصة في ذلك " أي في ترك التفريج ، قال ابن عجلان أحد رواته : وذلك أن يضع مرفقيه على ركبتيه إذا طال السجود وأعيا ، وقد أخرج الترمذي الحديث المذكور ولم يقع في روايته " إذا انفرجوا " فترجم له " ما جاء في الاعتماد إذا قام من السجود " فجعل محل الاستعانة بالركب لمن يرفع من السجود طالبا للقيام ، واللفظ محتمل ما قال ، لكن الزيادة التي أخرجها أبو داود تعين المراد ، وقال ابن التين : فيه دليل على أنه لم يكن [ ص: 344 ] عليه قميص لانكشاف إبطيه ، وتعقب باحتمال أن يكون القميص واسع الأكمام ، وقد روى الترمذي في " الشمائل " عن أم سلمة قالت " كان أحب الثياب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - القميص " أو أراد الراوي أن موضع بياضهما لو لم يكن عليه ثوب لرئي قاله القرطبي ، واستدل به على أن إبطيه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن عليهما شعر ، وفيه نظر فقد حكى المحب الطبري في الاستسقاء من الأحكام له أن من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - أن الإبط من جميع الناس متغير اللون غيره ، واستدل بإطلاقه على استحباب التفريج في الركوع أيضا ، وفيه نظر لأن في رواية قتيبة عن بكر بن مضر التقييد بالسجود ، وأخرجه المصنف في المناقب ، والمطلق إذا استعمل في صورة اكتفي بها .

قوله : ( وقال الليث حدثني جعفر بن ربيعة نحوه ) وصله مسلم من طريقه بلفظ كان إذا سجد فرج يديه عن إبطيه حتى إني لأرى بياض إبطيه .

( تنبيه ) : تقدم قبيل أبواب القبلة أنه وقع في كثير من النسخ وقوع هاتين الترجمتين هذه والتي بعدها هناك وأعيدا هنا وأن الصواب إثباتهما هنا ، وذكرنا توجيه ذلك بما يغني عن إعادته .

التالي السابق


الخدمات العلمية