صفحة جزء
باب من استوى قاعدا في وتر من صلاته ثم نهض

789 حدثنا محمد بن الصباح قال أخبرنا هشيم قال أخبرنا خالد الحذاء عن أبي قلابة قال أخبرنا مالك بن الحويرث الليثي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا
قوله : ( باب من استوى قاعدا في وتر من صلاته ) ذكر فيه حديث مالك بن الحويرث ومطابقته واضحة ، وفيه مشروعية جلسة الاستراحة ، وأخذ بها الشافعي وطائفة من أهل الحديث ، وعن أحمد روايتان ، وذكر الخلال أن أحمد رجع إلى القول بها ، ولم يستحبها الأكثر ، واحتج الطحاوي بخلو حديث أبي حميد عنها فإنه ساقه بلفظ " فقام ولم يتورك " وأخرجه أبو داود أيضا كذلك قال : فلما تخالفا احتمل أن يكون ما فعله في حديث مالك بن الحويرث لعلة كانت به فقعد لأجلها ، لا أن ذلك من سنة الصلاة ، ثم قوى ذلك بأنها لو كانت مقصودة لشرع لها ذكر مخصوص ، وتعقب بأن الأصل عدم العلة وبأن مالك بن الحويرث [ ص: 353 ] هو راوي حديث صلوا كما رأيتموني أصلي فحكايته لصفات صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - داخلة تحت هذا الأمر . ويستدل بحديث أبي حميد المذكور على عدم وجوبها فكأنه تركها لبيان الجواز ، وتمسك من لم يقل باستحبابها بقوله - صلى الله عليه وسلم - لا تبادروني بالقيام والقعود ، فإني قد بدنت فدل على أنه كان يفعلها لهذا السبب ، فلا يشرع إلا في حق من اتفق له نحو ذلك ، وأما الذكر المخصوص فإنها جلسة خفيفة جدا استغني فيها بالتكبير المشروع للقيام ، فإنها من جملة النهوض إلى القيام ، ومن حيث المعنى إن الساجد يضع يديه وركبتيه ورأسه مميزا لكل عضو وضع ، فكذا ينبغي إذا رفع رأسه ويديه أن يميز رفع ركبتيه ، وإنما يتم ذلك بأن يجلس ثم ينهض قائما ، نبه عليه ناصر الدين بن المنير في الحاشية ، ولم تتفق الروايات عن أبي حميد على نفي هذه الجلسة كما يفهمه صنيع الطحاوي ، بل أخرجه أبو داود أيضا من وجه آخر عنه بإثباتها ، وسيأتي ذلك عند الكلام على حديثه بعد بابين إن شاء الله تعالى . وأما قول بعضهم : لو كانت سنة لذكرها كل من وصف صلاته ، فيقوي أنه فعلها للحاجة ففيه نظر ، فإن السنن المتفق عليها لم يستوعبها كل واحد ممن وصف ، وإنما أخذ مجموعها عن مجموعهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية