صفحة جزء
باب من لم ير التشهد الأول واجبا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام من الركعتين ولم يرجع

795 حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال حدثني عبد الرحمن بن هرمز مولى بني عبد المطلب وقال مرة مولى ربيعة بن الحارث أن عبد الله ابن بحينة وهو من أزد شنوءة وهو حليف لبني عبد مناف وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر فقام في الركعتين الأوليين لم يجلس فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم
قوله : ( باب من لم ير التشهد الأول واجبا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام من الركعتين ولم يرجع ) قال الزين بن المنير : ذكر في هذه الترجمة الحكم ودليله ، ولم يثبت الحكم مع ذلك كأن يقول باب لا يجب التشهد الأول ، وسببه ما يطرق الدليل المذكور من الاحتمال . وقد أشار إلى معارضته في الترجمة التي تلي هذه حيث أوردها بنظير ما أورد به الترجمة التي بعدها ، وفي لفظ حديث الباب فيها ما يشعر بالوجوب حيث قال " وعليه جلوس " وهو محتمل أيضا ، وسيأتي الكلام على حديث التشهد ، وورد الأمر بالتشهد الأول أيضا . ووجه الدلالة من حديث الباب أنه لو كان واجبا لرجع إليه لما سبحوا به بعد أن قام كما سيأتي بيانه في الكلام على حديث الباب في أبواب سجود السهو ، ويعرف منه أن قول ناصر الدين ابن المنير في الحاشية : لو كان واجبا لسبحوا به ولم يسارعوا إلى الموافقة على الترك ، غفلة عن الرواية المنصوص فيها على أنهم سبحوا به ، قال ابن بطال : والدليل على أن سجود السهو لا ينوب عن الواجب أنه لو نسي تكبيرة الإحرام لم تجبر فكذلك التشهد ، ولأنه ذكر لا يجهر به بحال فلم يجب كدعاء الافتتاح ، واحتج غيره بتقريره - صلى الله عليه وسلم - الناس على متابعته بعد أن علم أنهم تعمدوا تركه ، وفيه نظر .

وممن قال بوجوبه الليث وإسحاق وأحمد في المشهور وهو قول للشافعي ، وفي رواية عند الحنفية . واحتج الطبري لوجوبه بأن الصلاة فرضت أولا ركعتين وكان التشهد فيها واجبا فلما زيدت لم تكن الزيادة مزيلة لذلك الواجب . وأجيب بأن الزيادة لم تتعين في الأخيرتين بل يحتمل أن يكونا هما الفرض الأول والمزيد هما الركعتان الأوليان بتشهدهما ، ويؤيده استمرار السلام بعد التشهد الأخير كما كان ، واحتج أيضا بأن من تعمد ترك الجلوس الأول بطلت صلاته ، وهذا لا يرد لأن من لا يوجبه لا يبطل الصلاة بتركه .

[ ص: 362 ] قوله : ( التشهد ) هو تفعل من تشهد ، سمي بذلك لاشتماله على النطق بشهادة الحق تغليبا لها على بقية أذكاره لشرفها .

قوله : ( حدثني عبد الرحمن بن هرمز ) هو الأعرج المذكور في الإسناد الذي بعده .

قوله : ( مولى بني عبد المطلب وقال مرة ) أي الزهري ( مولى ربيعة بن الحارث ) ولا تنافي بينهما لأنه مولى ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، فذكره أولا بجد مواليه الأعلى وثانيا بمولاه الحقيقي .

قوله : ( أزد شنوءة ) بفتح الهمزة وسكون الزاي بعدها مهملة ثم معجمة مفتوحة ثم نون مضمومة وهمزة مفتوحة وزن فعولة قبيلة مشهورة .

قوله : ( حليف لبني عبد مناف ) صواب لأن جده حالف المطلب بن عبد مناف ، قاله ابن سعد وغيره ، وسيأتي ما فيه في أبواب سجود السهو إن شاء الله تعالى .

قوله : ( فقام في الركعتين الأوليين لم يجلس ) أي للتشهد ، ووقع في رواية ابن عساكر " ولم يجلس " بزيادة واو ، وفي صحيح مسلم " فلم يجلس " بالفاء ، وسيأتي في السهو كذلك ، قال ابن رشيد : إذا أطلق في الأحاديث الجلوس في الصلاة من غير تقييد فالمراد به جلوس التشهد ، وبهذا يظهر وجه مناسبة الحديث للترجمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية