صفحة جزء
باب وضوء الصبيان ومتى يجب عليهم الغسل والطهور وحضورهم الجماعة والعيدين والجنائز وصفوفهم

819 حدثنا محمد بن المثنى قال حدثني غندر قال حدثنا شعبة قال سمعت سليمان الشيباني قال سمعت الشعبي قال أخبرني من مر مع النبي صلى الله عليه وسلم على قبر منبوذ فأمهم وصفوا عليه فقلت يا أبا عمرو من حدثك فقال ابن عباس
[ ص: 401 ] [ ص: 402 ] قوله : ( باب وضوء الصبيان ) قال الزين ابن المنير : لم ينص على حكمه ، لأنه لو عبر بالندب لاقتضى صحة صلاة الصبي بغير وضوء ، ولو عبر بالوجوب لاقتضى أن الصبي يعاقب على تركه كما هو حد الواجب ، فأتى بعبارة سالمة من ذلك ، وإنما لم يذكر الغسل لندور موجبه من الصبي بخلاف الوضوء ، ثم أردفه بذكر الوقت الذي يجب فيه ذلك عليه فقال : ومتى يجب عليهم الغسل والطهور " وقوله " والطهور " من عطف العام على الخاص ، وليس في أحاديث الباب تعيين وقت الإيجاب إلا في حديث أبي سعيد فإن مفهومه أن غسل الجمعة لا يجب على غير المحتلم ، فيؤخذ منه أن الاحتلام شرط لوجوب الغسل ، وأما ما رواه أبو داود والترمذي وصححه وكذا ابن خزيمة والحاكم من طريق عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده مرفوعا علموا الصبي الصلاة ابن سبع ، واضربوه عليها ابن عشر فهو وإن اقتضى تعيين وقت الوضوء لتوقف الصلاة عليه فلم يقل بظاهره إلا بعض أهل العلم ، قالوا : تجب الصلاة على الصبي للأمر بضربه على تركها ، وهذه صفة الوجوب ، وبه قال أحمد في رواية ، وحكى البندنيجي أن الشافعي أومأ إليه . وذهب الجمهور إلى أنها لا تجب عليه إلا بالبلوغ ، وقالوا : الأمر بضربه للتدريب . وجزم البيهقي بأنه منسوخ بحديث رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم لأن الرفع يستدعي سبق وضع . وسيأتي البحث في ذلك في كتاب النكاح . ويؤخذ من إطلاق الصبي على ابن سبع الرد على من زعم أنه لا يسمى صبيا إلا إذا كان رضيعا ، ثم يقال له غلام إلى أن يصير ابن سبع ، ثم يصير يافعا إلى عشر ، ويوافق الحديث قول الجوهري : الصبي الغلام .

قوله : ( وحضورهم ) بالجر عطفا على قوله " وضوء الصبيان " وكذا قوله " وصفوفهم " .

ثم أورد في الباب سبعة أحاديث

أولها حديث ابن عباس في الصلاة على القبر ، والغرض منه صلاة ابن عباس معهم ولم يكن إذ ذاك بالغا كما سيأتي دليله في خامس أحاديث الباب ، وسيأتي الكلام عليه في كتاب الجنائز إن شاء الله تعالى .

ثانيها حديث أبي سعيد ، وقد تقدم توجيه إيراده ، ويأتي الكلام عليه في كتاب الجمعة إن شاء الله تعالى .

ثالثها حديث ابن عباس في مبيته في بيت ميمونة ، وفيه وضوءه وصلاته مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقريره له على ذلك بأن حوله فجعله عن يمينه ، وقد تقدم من هذا الوجه في أوائل كتاب الطهارة ، [ ص: 403 ] ويأتي بقية مباحثه في كتاب الوتر إن شاء الله تعالى .

رابعها حديث أنس في صف اليتيم معه خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومطابقته للترجمة من جهة أن اليتم دال على الصبا إذ لا يتم بعد احتلام ، وقد أقره - صلى الله عليه وسلم - على ذلك .

خامسها حديث ابن عباس في مجيئه إلى منى ومروره بين يدي بعض الصف ، ودخوله معهم وتقريره على ذلك وقال فيه إنه كان ناهز الاحتلام أي قاربه ، وقد تقدمت مباحثه في أبواب سترة المصلي .

سادسها حديث عائشة في تأخير العشاء حتى قال عمر " نام النساء والصبيان " قال ابن رشيد : فهم منه البخاري أن النساء والصبيان الذين ناموا كانوا حضورا في المسجد ، وليس الحديث صريحا في ذلك ، إذ يحتمل أنهم ناموا في البيوت ، لكن الصبيان جمع محلى باللام فيعم من كان منهم مع أمه أو غيرها في البيوت ومن كان مع أمه في المسجد ، وقد أورد المصنف في الباب الذي يليه حديث أبي قتادة رفعه إني لأقوم إلى الصلاة الحديث وفيه فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه وقد قدمنا في شرحه في أبواب الجماعة أن الظاهر أن الصبي كان مع أمه في المسجد وأن احتمال أنها كانت تركته نائما في بيتها وحضرت الصلاة فاستيقظ في غيبتها فبكى بعيد ، لكن الظاهر الذي فهمه أن القضاء بالمرئي أولى من القضاء بالمقدر . انتهى .

وقد تقدمت مباحثه في أبواب المواقيت ، وساقه المصنف هنا من طريق معمر وشعيب بلفظ معمر ثم ساق لفظ شعيب في الباب الذي بعده ، وقوله " قال عياش " وقع في بعض الروايات " قال لي عياش " وهو بالتحتانية والمعجمة ، وتحول الإسناد عند الأكثر من بعد الزهري ، وأتمه في رواية المستملي ، ثم ختم الباب بحديث ابن عباس في شهوده صلاة العيد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد صرح فيه بأنه كان صغيرا وسيأتي الكلام عليه في كتاب العيدين ، وترجم له هناك " باب خروج الصبيان إلى المصلى " واستشكل قوله في الترجمة " وصفوفهم " لأنه يقتضي أن يكون للصبيان صفوف تخصهم وليس في الباب ما يدل على ذلك وأجيب بأن المراد بصفوفهم وقوفهم في الصف مع غيرهم ، وفقه ذلك هل يخرج من وقف معه الصبي في الصف عن أن يكون فردا حتى يسلم من بطلان صلاته عند من يمنعه أو كراهته وظاهر حديث أنس يقتضي الإجزاء ، فهو حجة على من منع ذلك من الحنابلة مطلقا ، وقد نص أحمد على أنه يجزئ في النفل دون الفرض وفيه ما فيه >[1] .

التالي السابق


الخدمات العلمية