صفحة جزء
باب الدعاء في الاستسقاء قائما

976 وقال لنا أبو نعيم عن زهير عن أبي إسحاق خرج عبد الله بن يزيد الأنصاري وخرج معه البراء بن عازب وزيد بن أرقم رضي الله عنهم فاستسقى فقام بهم على رجليه على غير منبر فاستغفر ثم صلى ركعتين يجهر بالقراءة ولم يؤذن ولم يقم قال أبو إسحاق ورأى عبد الله بن يزيد الأنصاري النبي صلى الله عليه وسلم
[ ص: 596 ] قوله : ( باب الدعاء في الاستسقاء قائما ) أي في الخطبة وغيرها ، قال ابن بطال : الحكمة فيه كونه حال خشوع وإنابة فيناسبه القيام ، وقال غيره : القيام شعار الاعتناء والاهتمام ، والدعاء أهم أعمال الاستسقاء فناسبه القيام ، ويحتمل أن يكون قام ليراه الناس فيقتدوا بما يصنع .

قوله : ( وقال لنا أبو نعيم ) قال الكرماني تبعا لغيره : الفرق بين " قال لنا " و " حدثنا " أن القول يستعمل فيما يسمع من الشيخ في مقام المذاكرة ، والتحديث فيما يسمع في مقام التحمل اهـ . لكن ليس استعمال البخاري لذلك منحصرا في المذاكرة فإنه يستعمله فيما يكون ظاهره الوقف ، وفيما يصلح للمتابعات ، لتخلص صيغة التحديث لما وضع الكتاب لأجله من الأصول المرفوعة . والدليل على ذلك وجود كثير من الأحاديث التي عبر فيها في الجامع بصيغة القول معبرا فيها بصيغة التحديث في تصانيفه الخارجة عن الجامع .

قوله : ( عن زهير ) هو ابن معاوية أبو خيثمة الجعفي ، وأبو إسحاق هو السبيعي .

قوله : ( خرج عبد الله بن يزيد الأنصاري ) يعني إلى الصحراء يستسقي ، وذلك حيث كان أميرا على الكوفة من جهة عبد الله بن الزبير في سنة أربع وستين قبل غلبة المختار بن أبي عبيد عليها ، ذكر ذلك ابن سعد وغيره ، وقد روى هذا الحديث قبيصة عن الثوري عن أبي إسحاق قال " بعث ابن الزبير إلى عبد الله بن يزيد الخطمي أن استسق بالناس ، فخرج وخرج الناس معه وفيهم زيد بن أرقم والبراء بن عازب " أخرجه يعقوب بن سفيان في تاريخه وخالفه عبد الرزاق عن الثوري فقال فيه " إن ابن الزبير خرج يستسقي بالناس " الحديث ، وقوله إن ابن الزبير هو الذي فعل ذلك وهم ، وإنما الذي فعله هو عبد الله بن يزيد بأمر ابن الزبير ، وقد وافق قبيصة عبد الرحمن بن مهدي عن الثوري على ذلك .

قوله : ( فقام بهم ) في رواية أبي الوقت وأبي ذر " لهم " .

قوله : ( فاستسقى ) في رواية أبي الوقت " فاستغفر " .

( فائدة )

: أورد الحميدي في " الجمع " هذا الحديث فيما انفرد به البخاري ووهم في ذلك ، وسببه أن رواية مسلم وقعت في المغازي ضمن حديث لزيد بن أرقم .

قوله : ( ثم صلى ركعتين ) ظاهره أنه أخر الصلاة عن الخطبة ، وصرح بذلك الثوري في رواية وخالفه شعبة فقال في روايته عن أبي إسحاق " أن عبد الله بن يزيد خرج يستسقي بالناس فصلى ركعتين ثم استسقى " أخرجه مسلم ، وقد تقدم في أوائل الاستسقاء ذكر الاختلاف في ذلك وأن الجمهور ذهبوا إلى تقديم الصلاة ، وممن اختار تقديم الخطبة ابن المنذر ، وصرح الشيخ أبو حامد وغيره بأن هذا الخلاف في الاستحباب لا في الجواز .

قوله : ( ولم يؤذن ولم يقم ) قال ابن بطال : أجمعوا على أن لا أذان ولا إقامة للاستسقاء والله أعلم .

قوله : ( قال أبو إسحاق ورأى عبد الله بن يزيد النبي - صلى الله عليه وسلم - ) كذا للأكثر ، وللحموي وحده " وروى عبد الله بن يزيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " ثم وجدته كذلك في نسخة الصغاني ، فإن كانت روايته محفوظة احتمل أن يكون المراد أنه روى هذا الحديث بعينه ، والأظهر أن مراده أنه روى في الجملة فيوافق قوله رأى لأن كلا منهما يثبت له الصحبة ، أما سماع هذا الحديث فلا . وقوله : قال [ ص: 597 ] أبو إسحاق " هو موصول ، وقد رواه الإسماعيلي من رواية أحمد بن يونس وعلي بن الجعدي عن زهير وصرحا باتصاله إلى أبي إسحاق ، وكأن السر في إيراد هذا الموقوف هنا كونه يفسر المراد بقوله في الرواية المرفوعة بعده " فدعا الله قائما " أي كان على رجليه لا على المنبر ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية