صفحة جزء
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب تقصير الصلاة باب ما جاء في التقصير وكم يقيم حتى يقصر

1030 حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا أبو عوانة عن عاصم وحصين عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أقام النبي صلى الله عليه وسلم تسعة عشر يقصر فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا وإن زدنا أتممنا
[ ص: 653 ] قوله : ( أبواب التقصير ) ثبتت هذه الترجمة للمستملي . وفي رواية أبي الوقت " أبواب تقصير الصلاة " ، وثبتت البسملة في رواية كريمة والأصيلي .

قوله : ( باب ما جاء في التقصير ) تقول : قصرت الصلاة بفتحتين مخففا قصرا ، وقصرتها بالتشديد تقصيرا ، وأقصرتها إقصارا ، والأول أشهر في الاستعمال . والمراد به تخفيف الرباعية إلى ركعتين . ونقل ابن المنذر وغيره الإجماع على أن لا تقصير في صلاة الصبح ولا في صلاة المغرب ، وقال النووي : ذهب الجمهور إلى أنه يجوز القصر في كل سفر مباح . وذهب بعض السلف إلى أنه يشترط في القصر الخوف في السفر ، وبعضهم كونه سفر حج أو عمرة أو جهاد ، وبعضهم كونه سفر طاعة ، وعن أبي حنيفة والثوري في كل سفر سواء كان طاعة أو معصية .

[ ص: 654 ] قوله : ( وكم يقيم حتى يقصر ) في هذه الترجمة إشكال لأن الإقامة ليست سببا للقصر ، ولا القصر غاية للإقامة ، قاله الكرماني وأجاب بأن عدد الأيام المذكورة سبب لمعرفة جواز القصر فيها ومنع الزيادة عليها ، وأجاب غيره بأن المعنى وكم إقامته المغياة بالقصر ؟ وحاصله كم يقيم مقصر ؟ وقيل المراد كم يقصر حتى يقيم ؟ أي حتى يسمى مقيما فانقلب اللفظ ، أو حتى هنا بمعنى حين أي كم يقيم حين يقصر ؟ وقيل فاعل يقيم هو المسافر ، والمراد إقامته في بلد ما غايتها التي إذا حصلت يقصر .

قوله : ( عن عاصم ) هو ابن سليمان ، وحصين بالضم هو ابن عبد الرحمن .

قوله : ( تسعة عشر ) أي يوما بليلته ، زاد في المغازي من وجه آخر عن عاصم وحده " بمكة " ، وكذا رواه ابن المنذر من طريق عبد الرحمن بن الأصبهاني عن عكرمة ، وأخرجه أبو داود من هذا الوجه بلفظ " سبعة عشر " بتقديم السين ، وكذا أخرجه من طريق حفص بن غياث عن عاصم قال وقال عباد بن منصور عن عكرمة " تسع عشرة " كذا ذكرها معلقة ، وقد وصلها البيهقي . ولأبي داود أيضا من حديث عمران بن حصين " غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين " وله من طريق ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة عام الفتح خمسة عشر يقصر الصلاة وجمع البيهقي بين هذا الاختلاف بأن من قال تسع عشرة عد يومي الدخول والخروج ، ومن قال سبع عشرة حذفهما ، ومن قال ثماني عشرة عد أحدهما .

وأما رواية " خمسة عشر " فضعفها النووي في الخلاصة ، وليس بجيد لأن رواتها ثقات ، ولم ينفرد بها ابن إسحاق فقد أخرجها النسائي من رواية عراك بن مالك عن عبيد الله كذلك ، وإذا ثبت أنها صحيحة فليحمل على أن الراوي ظن أن الأصل رواية سبعة عشر فحذف منها يومي الدخول والخروج فذكر أنها خمسة عشر ، واقتضى ذلك أن رواية تسعة عشر أرجح الروايات ، وبهذا أخذ إسحاق بن راهويه ، ويرجحها أيضا أنها أكثر ما وردت به الروايات الصحيحة ، وأخذ الثوري وأهل الكوفة برواية خمسة عشر لكونها أقل ما ورد ، فيحمل ما زاد على أنه وقع اتفاقا . وأخذ الشافعي بحديث عمران بن حصين لكن محله عنده فيمن لم يزمع الإقامة ، فإنه إذا مضت عليه المدة المذكورة وجب عليه الإتمام ، فإن أزمع الإقامة في أول الحال على أربعة أيام أتم ، على خلاف بين أصحابه في دخول يومي الدخول والخروج فيها أو لا ، وحجته حديث أنس الذي يليه .

قوله : ( فنحن إذا سافرنا تسع عشر قصرنا ، وإن زدنا أتممنا ) ظاهره أن السفر إذا زاد على تسعة عشر لزم الإتمام وليس ذلك المراد ، وقد صرح أبو يعلى عن شيبان عن أبي عوانة في هذا الحديث بالمراد ولفظه " إذا سافرنا فأقمنا في موضع تسعة عشر " ويؤيده صدر الحديث وهو قوله : أقام " وللترمذي من وجه آخر عن عاصم " فإذا أقمنا أكثر من ذلك صلينا أربعا " . قوله في حديث أنس " خرجنا من المدينة " في رواية شعبة عن يحيى بن أبي إسحاق عند مسلم " إلى الحج " .

التالي السابق


الخدمات العلمية