صفحة جزء
باب من تطوع في السفر في غير دبر الصلوات وقبلها وركع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتي الفجر في السفر

1053 حدثنا حفص بن عمر قال حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى قال ما أخبرنا أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى غير أم هانئ ذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة اغتسل في بيتها فصلى ثماني ركعات فما رأيته صلى صلاة أخف منها غير أنه يتم الركوع والسجود وقال الليث حدثني يونس عن ابن شهاب قال حدثني عبد الله بن عامر بن ربيعة أن أباه أخبره أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم صلى السبحة بالليل في السفر على ظهر راحلته حيث توجهت به
[ ص: 674 ] قوله : ( باب من تطوع في السفر في غير دبر الصلاة ) هذا مشعر بأن نفي التطوع في السفر محمول على ما بعد الصلاة خاصة فلا يتناول ما قبلها ولا ما لا تعلق له بها من النوافل المطلقة كالتهجد والوتر والضحى وغير ذلك ، والفرق بين ما قبلها وما بعدها أن التطوع قبلها لا يظن أنه منها لأنه ينفصل عنها بالإقامة وانتظار الإمام غالبا ونحو ذلك ، بخلاف ما بعدها فإنه في الغالب يتصل بها فقد يظن أنه منها .

( فائدة )

نقل النووي تبعا لغيره أن العلماء اختلفوا في التنفل في السفر على ثلاثة أقوال : المنع مطلقا ، والجواز مطلقا ، والفرق بين الرواتب والمطلقة ، وهو مذهب ابن عمر كما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن مجاهد قال " صحبت ابن عمر من المدينة إلى مكة ، وكان يصلي تطوعا على دابته حيثما توجهت به ، فإذا كانت الفريضة نزل فصلى " . وأغفلوا قولا رابعا وهو الفرق بين الليل والنهار في المطلقة ، وخامسا وهو ما فرغنا من تقريره .

قوله : ( وركع النبي - صلى الله عليه وسلم - في السفر ركعتي الفجر ) قلت : ورد ذلك في حديث أبي قتادة عند مسلم في قصة النوم عن صلاة الصبح ففيه ثم صلى ركعتين قبل الصبح ثم صلى الصبح كما كان يصلي وله من حديث أبي هريرة في هذه القصة أيضا ثم دعا بماء فتوضأ ثم صلى سجدتين - أي ركعتين - ثم أقيمت الصلاة فصلى صلاة الغداة الحديث . ولابن خزيمة والدارقطني من طريق سعيد بن المسيب عن بلال في هذه القصة فأمر بلالا فأذن ، ثم توضأ فصلوا ركعتين ، ثم صلوا الغداة ونحوه للدارقطني من طريق الحسن عن عمران بن حصين ، قال صاحب الهدى : لم يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى سنة الصلاة قبلها ولا بعدها في السفر ، إلا ما كان من سنة الفجر . قلت : ويرد على إطلاقه ما رواه أبو داود والترمذي من حديث البراء بن عازب قال " سافرت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثمانية عشر سفرا فلم أره ترك ركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر " وكأنه لم يثبت عنده ، لكن الترمذي استغربه ونقل عن البخاري أنه رآه حسنا ، وقد حمله بعض العلماء على سنة الزوال لا على الراتبة قبل الظهر ، والله أعلم .

قوله : ( ما أخبرنا أحد أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الضحى غير أم هانئ ) هذا لا يدل على نفي الوقوع ؛ لأن عبد الرحمن بن أبي ليلى إنما نفى ذلك عن نفسه ، وأما قول ابن بطال : لا حجة في قول ابن أبي ليلى ، وترد عليه الأحاديث الواردة في أنه صلى الضحى وأمر بها ، ثم ذكر منها جملة ، فلا يرد على ابن أبي ليلى شيء منها ، وسيأتي الكلام على صلاة الضحى في باب مفرد في أبواب التطوع ، والمقصود هنا أنه - صلى الله عليه وسلم - صلاها يوم فتح مكة ، وقد تقدم في حديث ابن عباس أنه كان حينئذ يقصر الصلاة المكتوبة ، وكان حكمه حكم المسافر .

قوله : ( وقال الليث حدثني يونس ) قد تقدم قبل ببابين موصولا من رواية الليث عن عقيل ، ولكن لفظ الروايتين مختلف ، ورواية يونس هذه وصلها الذهلي في الزهريات عن أبي صالح عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية