صفحة جزء
باب فضل من تعار من الليل فصلى

1103 حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا الوليد هو ابن مسلم حدثنا الأوزاعي قال حدثني عمير بن هانئ قال حدثني جنادة بن أبي أمية حدثني عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من تعار من الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له فإن توضأ وصلى قبلت صلاته
[ ص: 48 ] قوله : ( باب فضل من تعار من الليل فصلى ) تعار بمهملة وراء مشددة . قال في المحكم : تعار الظليم معارة : صاح ، والتعار أيضا السهر ، والتمطي ، والتقلب على الفراش ليلا مع كلام . وقال ثعلب : اختلف في : تعار ، فقيل : انتبه ، وقيل : تكلم ، وقيل : علم ، وقيل : تمطى وأن . انتهى . وقال الأكثر : التعار اليقظة مع [ ص: 49 ] صوت ، وقال ابن التين : ظاهر الحديث أن معنى تعار استيقظ ، لأنه قال : " من تعار ، فقال : " فعطف القول على التعار . انتهى . ويحتمل أن تكون الفاء تفسيرية لما صوت به المستيقظ ، لأنه قد يصوت بغير ذكر ، فخص الفضل المذكور بمن صوت بما ذكر من ذكر الله تعالى ، وهذا هو السر في اختيار لفظ تعار دون استيقظ أو انتبه ، وإنما يتفق ذلك لمن تعود الذكر واستأنس به ، وغلب عليه حتى صار حديث نفسه في نومه ويقظته ، فأكرم من اتصف بذلك بإجابة دعوته وقبول صلاته .

قوله : ( حدثنا صدقة ) هو ابن الفضل المروزي ، وجميع الإسناد كله شاميون ، وجنادة بضم الجيم وتخفيف النون مختلف في صحبته .

قوله : ( عن الأوزاعي قال : حدثنا عمير بن هانئ ) كذا لمعظم الرواة ، عن الوليد بن مسلم ، وأخرجه الطبراني في الدعاء من رواية صفوان بن صالح ، عن الوليد ، عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، عن عمير بن هانئ ، وأخرجه الطبراني فيه أيضا ، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي - وهو الحافظ الذي يقال له : دحيم - عن أبيه ، عن الوليد مقرونا برواية صفوان بن صالح ، وما أظنه إلا وهما ، فإنه أخرجه في المعجم الكبير عن إبراهيم عن أبيه عن الوليد ، عن الأوزاعي كالجادة ، وكذا أخرجه أبو داود وابن ماجه ، وجعفر الفريابي في الذكر ، عن دحيم ، وكذا أخرجه ابن حبان ، عن عبد الله بن سليم ، عن دحيم ، ورواية صفوان شاذة ، فإن كان حفظها عن الوليد احتمل أن يكون عند الوليد فيه شيخان ، ويؤيده ما في آخر الحديث من اختلاف اللفظ حيث جاء في جميع الروايات عن الأوزاعي ، فإنه قال : " اللهم اغفر لي . . إلخ " ووقع في هذه الرواية : كان من خطاياه كيوم ولدته أمه . ولم يذكر : رب اغفر لي ، ولا دعاء ، وقال في أوله : ما من عبد يتعار من الليل . بدل قوله : " من تعار " . لكن تخالف اللفظ في هذه أخف من التي قبلها .

قوله : ( له الملك وله الحمد ) زاد علي بن المديني ، عن الوليد : " يحيي ويميت " . أخرجه أبو نعيم في ترجمة عمير بن هانئ من " الحلية " من وجهين عنه .

قوله : ( الحمد لله وسبحان الله ) زاد في رواية كريمة " ولا إله إلا الله " ، وكذا عند الإسماعيلي والنسائي والترمذي وابن ماجه وأبي نعيم في الحلية ، ولم تختلف الروايات في البخاري على تقديم الحمد على التسبيح ، لكن عند الإسماعيلي بالعكس ، والظاهر أنه من تصرف الرواة ، لأن الواو لا تستلزم الترتيب .

قوله : ( ولا حول ولا قوة إلا بالله ) زاد النسائي وابن ماجه وابن السني " العلي العظيم " .

قوله : ( ثم قال : اللهم اغفر لي ، أو دعا ) كذا فيه بالشك ويحتمل أن تكون للتنويع ، ويؤيد الأول ما عند الإسماعيلي بلفظ : " ثم قال : رب اغفر لي ، غفر له . أو قال : فدعا استجيب له " ، شك الوليد ، وكذا عند أبي داود وابن ماجه بلفظ " غفر له " ، قال الوليد : " أو قال : دعا استجيب له " ، وفي رواية علي بن المديني : " ثم قال : رب اغفر لي ، أو قال : ثم دعا " واقتصر في رواية النسائي على الشق الأول .

قوله : ( استجيب ) زاد الأصيلي " له " وكذا في الروايات الأخرى .

قوله : ( فإن توضأ قبلت ) أي إن صلى . وفي رواية أبي ذر وأبي الوقت : " فإن توضأ وصلى " ، وكذا عند الإسماعيلي وزاد في أوله : " فإن هو عزم فقام وتوضأ وصلى " ، وكذا في رواية علي بن المديني . [ ص: 50 ] قال ابن بطال : وعد الله على لسان نبيه أن من استيقظ من نومه لهجا لسانه بتوحيد ربه ، والإذعان له بالملك ، والاعتراف بنعمه ، يحمده عليها وينزهه عما لا يليق به بتسبيحه ، والخضوع له بالتكبير ، والتسليم له بالعجز عن القدرة إلا بعونه ، أنه إذا دعاه أجابه ، وإذا صلى قبلت صلاته ، فينبغي لمن بلغه هذا الحديث أن يغتنم العمل به ، ويخلص نيته لربه سبحانه وتعالى .

قوله : ( قبلت صلاته ) قال ابن المنير في الحاشية : وجه ترجمة البخاري بفضل الصلاة ، وليس في الحديث إلا القبول ، وهو من لوازم الصحة ، سواء كانت فاضلة أم مفضولة ، لأن القبول في هذا الموطن أرجى منه في غيره ، ولولا ذلك لم يكن في الكلام فائدة ، فلأجل قرب الرجاء فيه من اليقين تميز على غيره وثبت له الفضل . انتهى . والذي يظهر أن المراد بالقبول هنا قدر زائد على الصحة ، ومن ثم ، قال الداودي ما محصله : من قبل الله له حسنة لم يعذبه >[1] لأنه يعلم عواقب الأمور ، فلا يقبل شيئا ثم يحبطه ، وإذا أمن الإحباط أمن التعذيب ، ولهذا قال الحسن : وددت أني أعلم أن الله قبل لي سجدة واحدة .

( فائدة ) : قال أبو عبد الله الفربري الراوي عن البخاري : أجريت هذا الذكر على لساني عند انتباهي ، ثم نمت فأتاني آت ، فقرأ : وهدوا إلى الطيب من القول الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية