صفحة جزء
باب من لم يتشهد في سجدتي السهو وسلم أنس والحسن ولم يتشهدا وقال قتادة لا يتشهد

1171 حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك بن أنس عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق ذو اليدين فقال الناس نعم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى اثنتين أخريين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن سلمة بن علقمة قال قلت لمحمد في سجدتي السهو تشهد قال ليس في حديث أبي هريرة
[ ص: 118 ] قوله : ( باب من لم يتشهد في سجدتي السهو ) ؛ أي إذا سجدهما بعد السلام من الصلاة ، وأما قبل السلام ، فالجمهور على أنه لا يعيد التشهد ، وحكى ابن عبد البر ، عن الليث أنه يعيده ، وعن البويطي ، عن الشافعي مثله ، وخطؤوه في هذا النقل ، فإنه لا يعرف ، وعن عطاء يتخير ، واختلف فيه عند المالكية ، وأما من سجد بعد السلام فحكى الترمذي ، عن أحمد ، وإسحاق أنه يتشهد ، وهو قول بعض المالكية والشافعية ، ونقله أبو حامد الإسفراييني عن القديم ، لكن وقع في " مختصر المزني : " سمعت الشافعي يقول : إذا سجد بعد السلام تشهد ، أو قبل السلام أجزأه التشهد الأول ، وتأول بعضهم هذا النص على أنه تفريع على القول القديم ، وفيه ما لا يخفى .

قوله : ( وسلم أنس ، والحسن ولم يتشهدا ) وصله ابن أبي شيبة وغيره من طريق قتادة عنهما .

قوله : ( وقال قتادة لا يتشهد ) كذا في الأصول التي وقفت عليها من البخاري ، وفيه نظر ، فقد رواه عبد الرزاق ، عن معمر عن قتادة قال : يتشهد في سجدتي السهو ويسلم ، فلعل " لا " في الترجمة زائدة ، ويكون قتادة اختلف عليه في ذلك .

قوله : ( فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى اثنتين ) لم يقع في غير هذه الرواية لفظ القيام ، وقد استشكل ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان قائما . وأجيب بأن المراد بقوله : فقام ؛ أي اعتدل ، لأنه كان مستندا إلى الخشبة كما سيأتي ، أو هو كناية عن الدخول في الصلاة . وقال ابن المنير في الحاشية : فيه إيماء إلى أنه أحرم ثم جلس ثم قام ، كذا قال وهو بعيد جدا .

قوله في آخره : ( ثم رفع ) زاد في " باب خبر الواحد " من هذا الوجه : ثم كبر ، ثم رفع ، ثم كبر فسجد مثل سجوده ، ثم رفع . وسيأتي الكلام على التكبير في الباب الذي يليه .

قوله : ( حدثنا حماد ) هو ابن زيد ، وكذا ثبت في رواية الإسماعيلي من طريق سليمان بن حرب .

قوله : ( عن سلمة بن علقمة ) هو التميمي أبو بشر ، وربما اشتبه بمسلمة بن علقمة المزني ، وكنيته [ ص: 119 ] أبو محمد ؛ لكونهما بصريين متقاربي الطبقة ، لكن الثاني بزيادة ميم في أوله ، ولم يخرج له البخاري شيئا .

قوله : ( قلت لمحمد ) هو ابن سيرين ، وفي رواية أبي نعيم في المستخرج : " سألت محمد بن سيرين " .

قوله : ( قال : ليس في حديث أبي هريرة ) في رواية أبي نعيم : " فقال : لم أحفظ فيه عن أبي هريرة شيئا ، وأحب إلي أن يتشهد " . وقد يفهم من قوله : " ليس في حديث أبي هريرة " أنه ورد في حديث غيره ، وهو كذلك . فقد رواه أبو داود ، والترمذي ، وابن حبان ، والحاكم من طريق أشعث بن عبد الملك ، عن محمد بن سيرين ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين ، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسها ، فسجد سجدتين ، ثم تشهد ، ثم سلم . قال الترمذي : حسن غريب . وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ، وقال ابن حبان : ما روى ابن سيرين ، عن خالد غير هذا الحديث . انتهى . وهو من رواية الأكابر عن الأصاغر . وضعفه البيهقي ، وابن عبد البر وغيرهما ، ووهموا رواية أشعث لمخالفته غيره من الحفاظ عن ابن سيرين ، فإن المحفوظ عن ابن سيرين في حديث عمران ليس فيه ذكر التشهد . وروى السراج من طريق سلمة بن علقمة أيضا في هذه القصة : " قلت لابن سيرين : فالتشهد ؟ قال : لم أسمع في التشهد شيئا " . وقد تقدم في " باب تشبيك الأصابع " من طريق ابن عون ، عن ابن سيرين قال : " نبئت أن عمران بن حصين قال : ثم سلم " . وكذا المحفوظ عن خالد الحذاء بهذا الإسناد في حديث عمران ؛ ليس فيه ذكر التشهد كما أخرجه مسلم ، فصارت زيادة أشعث شاذة ، ولهذا قال ابن المنذر : لا أحسب التشهد في سجود السهو يثبت . لكن قد ورد في التشهد في سجود السهو عن ابن مسعود عند أبي داود ، والنسائي ، وعن المغيرة عند البيهقي وفي إسنادهما ضعف ، فقد يقال : إن الأحاديث الثلاثة في التشهد باجتماعها ترتقي إلى درجة الحسن ، قال العلائي : وليس ذلك ببعيد ، وقد صح ذلك عن ابن مسعود من قوله : أخرجه ابن أبي شيبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية