صفحة جزء
1325 حدثنا محمد بن مقاتل أخبرنا عبد الله أخبرنا أبو بكر بن عياش عن سفيان التمار أنه حدثه أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما
قوله : ( عن سفيان التمار ) هو ابن دينار على الصحيح ، وقيل : ابن زياد ، والصواب أنه غيره ، وكل منهما عصفري كوفي . وهو من كبار أتباع التابعين ، وقد لحق عصر الصحابة ، ولم أر له رواية عن صحابي .

قوله : ( مسنما ) أي مرتفعا ، زاد أبو نعيم في المستخرج : " وقبر أبي بكر ، وعمر كذلك " . واستدل به على أن المستحب تسنيم القبور ، وهو قول أبي حنيفة ، ومالك ، وأحمد ، والمزني وكثير من الشافعية ، وادعى القاضي حسين اتفاق الأصحاب عليه ، وتعقب بأن جماعة من قدماء الشافعية استحبوا التسطيح كما نص عليه الشافعي ، وبه جزم الماوردي وآخرون . وقول سفيان التمار لا حجة فيه كما قال البيهقي لاحتمال أن قبره صلى الله عليه وسلم لم يكن في الأول مسنما ، فقد روى أبو داود ، والحاكم من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر ، قال : دخلت على عائشة ، فقلت : يا أمة ، اكشفي لي عن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ، فكشفت له عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة ، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء . زاد الحاكم : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدما ، وأبا بكر رأسه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم ، وعمر رأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم . وهذا كان في خلافة معاوية ، فكأنها كانت في الأول مسطحة ، ثم لما بني جدار القبر في إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة من قبل الوليد بن عبد الملك صيروها مرتفعة . وقد روى أبو بكر الآجري في " كتاب صفة قبر النبي صلى الله عليه وسلم " من طريق إسحاق بن عيسى ابن بنت داود بن أبي هند ، عن غنيم بن بسطام المديني ، قال : رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم في إمارة عمر بن عبد العزيز ، فرأيته مرتفعا نحوا من أربع أصابع ، ورأيت قبر أبي بكر وراء قبره ، ورأيت قبر عمر وراء قبر أبي بكر أسفل منه . ثم الاختلاف في ذلك في أيهما أفضل لا في أصل الجواز ، ورجح المزني التسنيم من حيث المعنى بأن المسطح يشبه ما يصنع للجلوس بخلاف المسنم ، ورجحه ابن قدامة بأنه يشبه أبنية أهل الدنيا ، وهو من شعار أهل البدع [ ص: 303 ] فكان التسنيم أولى . ويرجح التسطيح ما رواه مسلم من حديث فضالة بن عبيد أنه أمر بقبر فسوي ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها .

التالي السابق


الخدمات العلمية