صفحة جزء
باب اتقوا النار ولو بشق تمرة والقليل من الصدقة ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم الآية وإلى قوله من كل الثمرات

1349 حدثنا عبيد الله بن سعيد حدثنا أبو النعمان الحكم هو ابن عبد الله البصري حدثنا شعبة عن سليمان عن أبي وائل عن أبي مسعود رضي الله عنه قال لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل فجاء رجل فتصدق بشيء كثير فقالوا مرائي وجاء رجل فتصدق بصاع فقالوا إن الله لغني عن صاع هذا فنزلتالذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم الآية
[ ص: 332 ] قوله : ( باب اتقوا النار ولو بشق تمرة ، والقليل من الصدقة ، ومثل الذين ينفقون أموالهم - إلى قوله - فيها من كل الثمرات ) قال الزين بن المنير وغيره : جمع المصنف بين لفظ الخبر والآية لاشتمال ذلك كله على الحث على الصدقة قليلها وكثيرها ، فإن قوله تعالى : أموالهم يشمل قليل النفقة وكثيرها ، ويشهد له قوله : لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس . فإنه يتناول القليل والكثير ، إذ لا قائل بحل القليل دون [ ص: 333 ] الكثير . وقوله : اتقوا النار ولو بشق تمرة . يتناول الكثير والقليل أيضا ، والآية أيضا مشتملة على قليل الصدقة وكثيرها من جهة التمثيل المذكور فيها بالطل والوابل ، فشبهت الصدقة بالقليل بإصابة الطل ، والصدقة بالكثير بإصابة الوابل . وأما ذكر القليل من الصدقة بعد ذكر شق التمرة فهو من عطف العام على الخاص ، ولهذا أورد في الباب حديث أبي مسعود الذي كان سببا لنزول قوله تعالى : والذين لا يجدون إلا جهدهم . وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام : تقدير الآية : مثل تضعيف أجور الذين ينفقون كمثل تضعيف ثمار الجنة بالمطر ، إن قليلا فقليل ، وإن كثيرا فكثير . وكأن البخاري أتبع الآية الأولى التي ضربت مثلا بالربوة بالآية الثانية التي تضمنت ضرب المثل لمن عمل عملا يفقده أحوج ما كان إليه ، للإشارة إلى اجتناب الرياء في الصدقة ، ولأن قوله تعالى : والله بما تعملون بصير يشعر بالوعيد بعد الوعد ، فأوضحه بذكر الآية الثانية ، وكأن هذا هو السر في اقتصاره على بعضها اختصارا .

ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة أحاديث :

أحدها حديث أبي مسعود من وجهين تاما ومختصرا .

قوله : ( عن سليمان ) هو الأعمش ، وأبو مسعود هو الأنصاري البدري .

قوله : ( لما نزلت آية الصدقة ) كأنه يشير إلى قوله تعالى : خذ من أموالهم صدقة الآية .

قوله : ( كنا نحامل ) أي : نحمل على ظهورنا بالأجرة ، يقال : حاملت بمعنى حملت كسافرت . وقال الخطابي : يريد نتكلف الحمل بالأجرة لنكتسب ما نتصدق به ، ويؤيده قوله في الرواية الثانية التي بعد هذه حيث قال : انطلق أحدنا إلى السوق فيحامل . أي : يطلب الحمل بالأجرة .

قوله : ( فجاء رجل فتصدق بشيء كثير ) هو عبد الرحمن بن عوف ، كما سيأتي في التفسير ، والشيء المذكور كان ثمانية آلاف أو أربعة آلاف . )

قوله : ( وجاء رجل ) هو أبو عقيل بفتح العين كما سيأتي في التفسير ، ونذكر هناك ، إن شاء الله تعالى الاختلاف في اسمه واسم أبيه ، ومن وقع له ذلك أيضا من الصحابة كأبي خيثمة ، وأن الصاع إنما حصل لأبي عقيل لكونه أجر نفسه على النزح من البئر بالحبل .

قوله : ( فقالوا ) سمي من اللامزين في " مغازي الواقدي " معتب بن قشير ، وعبد الرحمن بن نبتل بنون ومثناة مفتوحتين ، بينهما موحدة ساكنة ثم لام .

قوله : ( يلمزون ) أي يعيبون ، وشاهد الترجمة قوله : والذين لا يجدون إلا جهدهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية