صفحة جزء
باب ما جاء في زمزم وقال عبدان أخبرنا عبد الله أخبرنا يونس عن الزهري قال أنس بن مالك كان أبو ذر رضي الله عنه يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فرج سقفي وأنا بمكة فنزل جبريل عليه السلام ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغها في صدري ثم أطبقه ثم أخذ بيدي فعرج إلى السماء الدنيا قال جبريل لخازن السماء الدنيا افتح قال من هذا قال جبريل

1556 حدثنا محمد هو ابن سلام أخبرنا الفزاري عن عاصم عن الشعبي أن ابن عباس رضي الله عنهما حدثه قال سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم قال عاصم فحلف عكرمة ما كان يومئذ إلا على بعير
[ ص: 576 ] قوله : ( باب ما جاء في زمزم ) كأنه لم يثبت عنده في فضلها حديث على شرطه صريحا ، وقد وقع في مسلم من حديث أبي ذر " أنها طعام طعم " زاد الطيالسي من الوجه الذي أخرجه منه مسلم " وشفاء سقم " وفي المستدرك من حديث ابن عباس مرفوعا ماء زمزم لما شرب له رجاله موثقون ، إلا أنه اختلف في إرساله ووصله وإرساله أصح ، وله شاهد من حديث جابر ، وهو أشهر منه أخرجه الشافعي ، وابن ماجه ورجاله ثقات إلا عبد الله بن المؤمل المكي فذكر العقيلي أنه تفرد به ، لكن ورد من رواية غيره عند البيهقي من طريق إبراهيم بن طهمان ومن طريق حمزة الزيات كلاهما عن أبي الزبير بن سعيد ، عن جابر ، ووقع في : " فوائد ابن المقري " من طريق سويد بن سعيد ، عن ابن المبارك ، عن ابن أبي الموالي ، عن ابن المنكدر ، عن جابر ، وزعم الدمياطي أنه على رسم الصحيح وهو كما قال من حيث الرجال إلا أن سويدا وإن أخرج له مسلم فإنه خلط وطعنوا فيه وقد شذ بإسناده ، والمحفوظ عن ابن المبارك ، عن ابن المؤمل ، وقد جمعت في ذلك جزءا ، والله أعلم . وسميت زمزم لكثرتها ، يقال ماء زمزم أي كثير ، وقيل لاجتماعها نقل عن ابن هشام ، وقال أبو زيد : الزمزمة من الناس خمسون ونحوهم ، وعن مجاهد : إنما سميت زمزم لأنها مشتقة من الهزمة والهزمة الغمز بالعقب في الأرض ، أخرجه الفاكهي بإسناد صحيح عنه ، وقيل لحركتها قاله الحربي ، وقيل لأنها زمت بالميزان لئلا تأخذ يمينا وشمالا ، وستأتي قصتها في شأن إسماعيل وهاجر في أحاديث الأنبياء وقصة حفر عبد المطلب لها في أيام الجاهلية إن شاء الله تعالى .

قوله : ( وقال عبدان ) سيأتي في أحاديث الأنبياء أتم منه بلفظ " وقال لي عبدان " وأورده هنا مختصرا ، وقد وصله الجوزقي بتمامه عن الدغولي ، عن محمد بن الليث ، عن عبدان بطوله ، وقد تقدم الكلام عليه في أوائل الصلاة . والمقصود منه هنا قوله " ثم غسله بماء زمزم " .

قوله : ( حدثنا محمد ) في رواية أبي ذر هو ابن سلام ، والفزاري هو مروان بن معاوية وغلط من [ ص: 577 ] قال هو أبو إسحاق ، وعاصم هو ابن سليمان الأحول ، قال ابن بطال وغيره : أراد البخاري أن الشرب من زمزم من سنن الحج . وفي " المصنف " عن طاوس قال " شرب نبيذ السقاية من تمام الحج " وعن عطاء " لقد أدركته وإن الرجل ليشربه فتلزق شفتاه من حلاوته " وعن ابن جريج ، عن نافع " أن ابن عمر لم يكن يشرب من النبيذ في الحج " فكأنه لم يثبت عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب منه لأنه كان كثير الاتباع للآثار أو خشي أن يظن الناس أن ذلك من تمام الحج كما نقل عن طاوس .

قوله : ( فحلف عكرمة ما كان يومئذ إلا على بعير ) عند ابن ماجه من هذا الوجه قال عاصم : فذكرت ذلك لعكرمة فحلف بالله ما فعل - أي ما شرب قائما - لأنه كان حينئذ راكبا . انتهى . وقد تقدم أن عند أبي داود من رواية عكرمة ، عن ابن عباس أنه أناخ فصلى ركعتين ، فلعل شربه من زمزم كان بعد ذلك ، ولعل عكرمة إنما أنكر شربه قائما لنهيه عنه ، لكن ثبت عن علي عند البخاري : أنه صلى الله عليه وسلم شرب قائما . فيحمل على بيان الجواز .

التالي السابق


الخدمات العلمية