صفحة جزء
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم وقال نافع كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا أهدى من المدينة قلده وأشعره بذي الحليفة يطعن في شق سنامه الأيمن بالشفرة ووجهها قبل القبلة باركة

1608 حدثنا أحمد بن محمد أخبرنا عبد الله أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان قالا خرج النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية من المدينة في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد النبي صلى الله عليه وسلم الهدي وأشعر وأحرم بالعمرة
[ ص: 634 ] قوله : ( باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم ) قال ابن بطال : غرضه أن يبين أن المستحب أن لا يشعر المحرم ولا يقلد إلا في ميقات بلده . انتهى . والذي يظهر أن غرضه الإشارة إلى رد قول مجاهد لا يشعر حتى يحرم أخرجه ابن أبي شيبة ، لقوله في الترجمة " من أشعر ثم أحرم " ووجه الدلالة لذلك من حديث المسور قوله : حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد الهدي وأحرم . فإن ظاهره البداءة بالتقليد ، ومن حديث عائشة قوله " ثم قلدها وأشعرها وما حرم عليه شيء " فإنه يدل على أن تقدم الإحرام ليس شرطا في صحة التقليد والإشعار وأبين من ذلك لتحصيل مقصود الترجمة ما أخرجه مسلم من حديث ابن عباس قال : صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر بذي الحليفة ثم دعا بناقته فأشعرها في سنامها الأيمن وسلت الدم وقلدها نعلين ثم ركب راحلته فلما استوت به على البيداء أهل بالحج : وسيأتي الكلام على حديث المسور حيث ساقه المصنف مطولا في كتاب الشروط وعلى حديث عائشة بعد بابين .

قوله : ( زمن الحديبية ) وقع عند الكشميهني " من المدينة " .

قوله في صدر الباب ( وقال نافع كان ابن عمر إلخ ) وصله مالك في : " الموطأ " قال " عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا أهدى هديا من المدينة على ساكنها الصلاة والسلام قلده بذي الحليفة يقلده قبل أن يشعره وذلك في مكان واحد وهو متوجه إلى القبلة يقلده بنعلين ويشعره من الشق الأيسر ثم يساق معه حتى يوقف به مع الناس بعرفة ثم يدفع به فإذا قدم غداة النحر نحره . وعن نافع عن ابن عمر " كان إذا [ ص: 635 ] طعن في سنام هديه وهو يشعره قال بسم الله والله أكبر " وأخرج البيهقي من طريق ابن وهب ، عن مالك ، وعبد الله بن عمر ، عن نافع " أن عبد الله بن عمر كان يشعر بدنه من الشق الأيسر إلا أن تكون صعابا فإذا لم يستطع أن يدخل بينها أشعر من الشق الأيمن ، وإذا أراد أن يشعرها وجهها إلى القبلة " وتبين بهذا أن ابن عمر كان يطعن في الأيمن تارة وفي الأيسر أخرى بحسب ما يتهيأ له ذلك ، وإلى الإشعار في الجانب الأيمن ذهب الشافعي وصاحبا أبي حنيفة ، وأحمد في رواية ، وإلى الأيسر ذهب مالك ، وأحمد في رواية ، ولم أر في حديث ابن عمر ما يدل على تقدم ذلك على إحرامه . وذكر ابن عبد البر في : " الاستذكار " عن مالك قال : لا يشعر الهدي إلا عند الإهلال يقلده ثم يشعره ثم يصلي ثم يحرم .

وفي هذا الحديث مشروعية الإشعار وفائدته الإعلام بأنها صارت هديا ليتبعها من يحتاج إلى ذلك وحتى لو اختلطت بغيرها تميزت أو ضلت عرفت أو عطبت عرفها المساكين بالعلامة فأكلوها مع ما في ذلك من تعظيم شعار الشرع وحث الغير عليه . وأبعد من منع الإشعار واعتل باحتمال أنه كان مشروعا قبل النهي عن المثلة فإن النسخ لا يصار إليه بالاحتمال بل وقع الإشعار في حجة الوداع وذلك بعد النهي عن المثلة بزمان وسيأتي نقل الخلاف في ذلك بعد باب .

التالي السابق


الخدمات العلمية