صفحة جزء
باب لا يعين المحرم الحلال في قتل الصيد

1727 حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا سفيان حدثنا صالح بن كيسان عن أبي محمد نافع مولى أبي قتادة سمع أبا قتادة رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالقاحة من المدينة على ثلاث ح وحدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا صالح بن كيسان عن أبي محمد عن أبي قتادة رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالقاحة ومنا المحرم ومنا غير المحرم فرأيت أصحابي يتراءون شيئا فنظرت فإذا حمار وحش يعني وقع سوطه فقالوا لا نعينك عليه بشيء إنا محرمون فتناولته فأخذته ثم أتيت الحمار من وراء أكمة فعقرته فأتيت به أصحابي فقال بعضهم كلوا وقال بعضهم لا تأكلوا فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو أمامنا فسألته فقال كلوه حلال قال لنا عمرو اذهبوا إلى صالح فسلوه عن هذا وغيره وقدم علينا ها
قوله : ( باب : لا يعين المحرم الحلال في قتل الصيد ) أي : بفعل ولا قول ، قيل : أراد بهذه الترجمة الرد على من فرق من أهل الرأي بين الإعانة التي لا يتم الصيد إلا بها فتحرم ، وبين الإعانة التي يتم الصيد بدونها فلا تحرم .

قوله : ( حدثنا عبد الله ) هو ابن محمد الجعفي المسندي ، وسفيان هو ابن عيينة .

قوله : ( عن صالح ) في رواية كريمة وغيرها : " حدثنا صالح " .

قوله : ( بالقاحة ) بالقاف والمهملة : واد على نحو ميل من السقيا إلى جهة المدينة ، ويقال لواديها وادي العباديد . وقد بين المصنف في الطريق الأولى أنها من المدينة على ثلاث ، أي : ثلاث مراحل ، قال عياض : [ ص: 34 ] رواه الناس بالقاف إلا القابسي فضبطوه عنه بالفاء ، وهو تصحيف . قلت : ووقع عند الجوزقي من طريق عبد الرحمن بن بشر ، عن سفيان " بالصفاح " بدل القاحة ، والصفاح بكسر المهملة بعدها فاء وآخره مهملة ، وهو تصحيف ، فإن الصفاح موضع بالروحاء ، وبين الروحاء وبين السقيا مسافة طويلة ، وقد تقدم أن الروحاء هو المكان الذي ذهب أبو قتادة وأصحابه منه إلى جهة البحر ، ثم التقوا بالقاحة وبها وقع له الصيد المذكور ، وكأنه تأخر هو ورفقته للراحة أو غيرها ، وتقدمهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السقيا حتى لحقوه .

قوله : ( وحدثنا علي بن عبد الله ) هو ابن المديني ، هكذا حول المصنف الإسناد إلى رواية علي للتصريح فيه عن سفيان بقوله : " حدثنا صالح بن كيسان " وقد اعتبرته فوجدته ساق المتن على لفظ علي خاصة ، وهذه عادة المصنف غالبا إذا تحول إلى إسناد ساق المتن على لفظ الثاني .

قوله : ( عن أبي محمد ) هو نافع مولى أبي قتادة الذي روى عنه أبو النضر ، وسيأتي في كتاب الصيد من طريق مالك وغيره عنه ، ووقع عند مسلم عن ابن عمر ، عن سفيان ، عن صالح : " سمعت أبا محمد مولى أبي قتادة " ، وكذا وقع هنا في رواية كريمة ، ولأحمد من طريق سعد بن إبراهيم : " سمعت رجلا كان يقال له مولى أبي قتادة ولم يكن مولى " أي : لأبي قتادة . وفي رواية ابن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي سلمة أن نافعا مولى بني غفار ، فتحصل من ذلك أنه لم يكن مولى لأبي قتادة حقيقة ، وقد صرح بذلك ابن حبان فقال هو مولى عقيلة بنت طلق الغفارية ، وكان يقال له مولى أبي قتادة نسب إليه ولم يكن مولاه . قلت : فيحتمل أنه نسب إليه لكونه كان زوج مولاته ، أو للزومه إياه أو نحو ذلك ، كما وقع لمقسم مولى ابن عباس وغيره ، والله أعلم .

قوله : ( يتراءون ) يتفاعلون من الرؤية .

قوله : ( فإذا حمار وحش ، يعني : وقع سوطه ، فقالوا : لا نعينك ) كذا وقع هنا ، والشك فيه من البخاري ، فقد رواه أبو عوانة ، عن أبي داود الحراني ، عن علي بن المديني بلفظ : " فإذا حمار وحش ، فركبت فرسي وأخذت الرمح والسوط ، فسقط مني السوط فقلت : ناولوني . فقالوا : ليس نعينك عليه بشيء ، إنا محرمون " وفي قولهم : " إنا محرمون " دلالة على أنهم كانوا قد علموا أنه يحرم على المحرم الإعانة على قتل الصيد .

قوله : ( فتناولته ) زاد أبو عوانة >[1] " بشيء " وبهذا يندفع إشكال من قال : " ذكر التناول بعد الأخذ تكرار ، أو معناه تكلفت الأخذ فأخذته .

قوله : ( من وراء أكمة ) بفتحات هي التل من حجر واحد ، وقد تقدم ذكرها في الاستسقاء .

قوله : ( فقال بعضهم : كلوا ) قد تقدم من عدة أوجه أنهم أكلوا ، والظاهر أنهم أكلوا أول ما أتاهم به ، ثم طرأ عليهم الشك كما في لفظ عثمان بن موهب في الباب الذي يليه : " فأكلنا من لحمها ثم قلنا : أنأكل من لحم صيد ونحن محرمون " وأصرح من ذلك رواية أبي حازم في الهبة بلفظ : " ثم جئت به فوقعوا فيه يأكلون ، ثم إنهم شكوا في أكلهم إياه وهم حرم " وفي حديث أبي سعيد : " فجعلوا يشوون منه ثم قالوا : رسول الله بين أظهرنا ، وكان تقدمهم فلحقوه فسألوه " .

[ ص: 35 ] قوله : ( وهو أمامنا ) بفتح أوله .

قوله : ( فقال كلوه حلال ) كذا وقع بحذف المبتدأ ، وبين ذلك أبو عوانة فقال : كلوه فهو حلال ، وفي رواية مسلم فقال : هو حلال فكلوه .

قوله : ( قال لنا عمرو ) أي : ابن دينار ، وصرح به أبو عوانة في روايته ، والقائل سفيان ، والغرض بذلك تأكيد ضبطه له وسماعه له من صالح ، وهو ابن كيسان ، وقوله : " هاهنا " يعني : مكة . والحاصل أن صالح بن كيسان كان مدنيا فقدم مكة فدل عمرو بن دينار أصحابه عليه ليسمعوا منه . وقرأت بخط بعض من تكلم على هذا الحديث ما نصه : في قول سفيان : " قال لنا عمرو . . . إلخ " إشكال ، فإن سفيان روى ذلك عن صالح ، فكيف يقول له عمرو ولمن معه : اذهبوا إلى صالح؟ فيحتمل أنه قال ذلك تأكيدا في تجديد سماع سفيان ذلك منه مرة بعد أخرى ، ويؤخذ منه أن سفيان حدث بذلك عن صالح في حال حياته . انتهى . وهو احتمال بعيد جدا . وزعم أن عمرو بن دينار قال لهم ذلك حين قدم عليهم الكوفة . قال : وكأنه سمع سفيان يحدث به عن صالح فصدقه وأكده بما قال . وقوله : اذهبوا إليه ؛ أي : إلى صالح بالمدينة اهـ . وهذا أبعد من الأول ، وما سمعه سفيان من صالح إلا بمكة ، ولم يقدم عمرو الكوفة ، وإنما قال ذلك لسفيان وهما بمكة ، وما حدث به سفيان لعلي إلا بعد موت صالح وعمرو بمدة طويلة ، وأراد بقوله : قال لنا عمرو : اذهبوا . . . إلخ ، كيفية تحمله له من صالح وأنه بدلالة عمرو ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية