صفحة جزء
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال

1819 حدثنا عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر والقاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها أن بلالا كان يؤذن بليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر قال القاسم ولم يكن بين أذانهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا
[ ص: 162 ] قوله : ( باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمنعنكم ) كذا للأكثر ، وللكشميهني : " لا يمنعكم " بسكون العين بغير تأكيد ، قال ابن بطال : لم يصح عند البخاري لفظ الترجمة; فاستخرج معناه من حديث عائشة . وقد روى لفظ الترجمة وكيع من حديث سمرة مرفوعا : " لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ، ولكن الفجر المستطير في الأفق " وقال الترمذي : هو حديث حسن ا هـ . وحديث سمرة عند مسلم أيضا ، لكن لم يتعين في مراد البخاري ، فإنه قد صح أيضا على شرطه حديث ابن مسعود بلفظ : " لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره ؛ فإنه يؤذن بليل ، ليرجع قائمكم " الحديث ، وقد تقدم في أبواب الأذان في " باب الأذان قبل الفجر " وأخرج عنه حديث عبيد الله بن عمر عن شيخيه القاسم ونافع كما أخرجه هنا ، فالظاهر أنه مراده بما ذكره في هذه الترجمة ، وقد تقدم الكلام على حديث عبيد الله بن عمر هناك .

وفي حديث سمرة الذي أخرجه مسلم بيان لما أبهم في حديث ابن مسعود ، وذلك أن في حديث ابن مسعود : " وليس الفجر أن يقول - ورفع بأصابعه إلى فوق وطأطأ إلى أسفل - حتى يقول هكذا " وفي حديث سمرة عند مسلم : " لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا " يعني : معترضا . وفي رواية : " ولا هذا البياض حتى يستطير " وقد تقدم لفظ رواية الترمذي ، وله من حديث طلق بن علي " كلوا واشربوا ولا يهيدنكم الساطع المصعد ، وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر " وقوله : " يهيدنكم " - بكسر الهاء - أي : يزعجنكم فتمتنعوا به عن السحور فإنه الفجر الكاذب ، يقال : هدته أهيده إذا أزعجته ، وأصل الهيد - بالكسر - الحركة . ولابن أبي شيبة عن ثوبان مرفوعا : " الفجر فجران : فأما الذي كأنه ذنب السرحان فإنه لا يحل شيئا ولا يحرمه ، ولكن المستطير " أي : هو الذي يحرم الطعام ويحل الصلاة ، وهذا موافق للآية الماضية في الباب قبله .

وذهب جماعة من الصحابة - وقال به الأعمش من التابعين وصاحبه أبو بكر بن عياش - إلى جواز السحور إلى أن يتضح الفجر ، فروى سعيد بن منصور عن أبي الأحوص عن عاصم عن زر عن حذيفة قال : تسحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو والله النهار غير أن الشمس لم تطلع وأخرجه الطحاوي من وجه آخر عن عاصم نحوه ، وروى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق ذلك عن حذيفة من طرق صحيحة ، وروى سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر من طرق عن أبي بكر أنه أمر بغلق الباب حتى لا يرى الفجر ، وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن علي أنه صلى الصبح ثم قال الآن حين تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود . قال ابن المنذر : وذهب بعضهم إلى أن المراد بتبين بياض النهار من سواد الليل أن ينتشر البياض في الطرق والسكك والبيوت ، ثم حكى [ ص: 163 ] ما تقدم عن أبي بكر وغيره .

وروي بإسناد صحيح عن سالم بن عبيد الأشجعي - وله صحبة - أن أبا بكر قال له : " اخرج فانظر هل طلع الفجر؟ قال فنظرت ثم أتيته فقلت : قد ابيض وسطع ، ثم قال : اخرج فانظر هل طلع؟ فنظرت فقلت : قد اعترض . قال : الآن أبلغني شرابي " وروي من طريق وكيع عن الأعمش أنه قال : " لولا الشهوة لصليت الغداة ثم تسحرت " قال إسحاق : هؤلاء رأوا جواز الأكل والصلاة بعد طلوع الفجر المعترض حتى يتبين بياض النهار من سواد الليل . قال إسحاق : وبالقول الأول أقول ، لكن لا أطعن على من تأول الرخصة كالقول الثاني ولا أرى له قضاء ولا كفارة . قلت : وفي هذا تعقب على الموفق وغيره حيث نقلوا الإجماع على خلاف ما ذهب إليه الأعمش ، والله أعلم .

قوله : ( عن ابن عمر والقاسم بن محمد ) بالجر عطفا على نافع لا على ابن عمر ؛ لأن عبيد الله بن عمر رواه عن نافع عن ابن عمر وعن القاسم عن عائشة ، وقد تقدم الكلام عليه في المواقيت .

التالي السابق


الخدمات العلمية