صفحة جزء
باب سواك الرطب واليابس للصائم ويذكر عن عامر بن ربيعة قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستاك وهو صائم ما لا أحصي أو أعد وقال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء ويروى نحوه عن جابر وزيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يخص الصائم من غيره وقالت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم السواك مطهرة للفم مرضاة للرب وقال عطاء وقتادة يبتلع ريقه

1832 حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله أخبرنا معمر قال حدثني الزهري عن عطاء بن يزيد عن حمران رأيت عثمان رضي الله عنه توضأ فأفرغ على يديه ثلاثا ثم تمضمض واستنثر ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا ثم غسل يده اليسرى إلى المرفق ثلاثا ثم مسح برأسه ثم غسل رجله اليمنى ثلاثا ثم اليسرى ثلاثا ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال من توضأ وضوئي هذا ثم يصلي ركعتين لا يحدث نفسه فيهما بشيء إلا غفر له ما تقدم من ذنبه
[ ص: 187 ] قوله : ( باب سواك الرطب واليابس للصائم ) كذا للأكثر ، وهو كقولهم : مسجد الجامع ، ووقع في رواية الكشميهني " باب السواك الرطب واليابس " وأشار بهذه الترجمة إلى الرد على من كره للصائم الاستياك بالسواك الرطب كالمالكية والشعبي ، وقد تقدم قبل بباب قياس ابن سيرين السواك الرطب على الماء الذي يتمضمض به ، ومنه تظهر النكتة في إيراد حديث عثمان في صفة الوضوء في هذا الباب ، فإن فيه أنه تمضمض واستنشق وقال فيه : " من توضأ وضوئي هذا " ولم يفرق بين صائم ومفطر ، ويتأيد ذلك بما ذكر في حديث أبي هريرة في الباب .

قوله : ( ويذكر عن عامر بن ربيعة قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يستاك وهو صائم ما لا أحصي أو أعد ) وصله أحمد وأبو داود والترمذي من طريق عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه ، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه وقال : كنت لا أخرج حديث عاصم ، ثم نظرت فإذا شعبة والثوري قد رويا عنه ، وروى يحيى وعبد الرحمن عن الثوري عنه ، وروى مالك عنه خبرا في غير " الموطأ " . قلت : وضعفه ابن معين والذهلي والبخاري وغير واحد ، ومناسبته للترجمة إشعاره بملازمة [ ص: 188 ] السواك ولم يخص رطبا من يابس ، وهذا على طريقة المصنف في أن المطلق يسلك به مسلك العموم ، أو أن العام في الأشخاص عام في الأحوال ، وقد أشار إلى ذلك بقوله في أواخر الترجمة المذكورة : " ولم يخص صائما من غيره " أي : ولم يخص أيضا رطبا من يابس ، وبهذا التقرير تظهر مناسبة جميع ما أورده في هذا الباب للترجمة ، والجامع لذلك كله قوله في حديث أبي هريرة لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء ، فإنه يقتضي إباحته في كل وقت وعلى كل حال ، قال ابن المنير في الحاشية : أخذ البخاري شرعية السواك للصائم بالدليل الخاص ، ثم انتزعه من أعم الأدلة العامة التي تناولت أحوال متناول السواك وأحوال ما يستاك به ، ثم انتزع ذلك من أعم من السواك وهو المضمضة إذ هي أبلغ من السواك الرطب .

قوله : ( وقالت عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ) وصله أحمد والنسائي وابن خزيمة وابن حبان من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن أبيه عنها ، رواه عن عبد الرحمن هذا يزيد بن زريع والدراوردي وسليمان بن بلال وغير واحد ، وخالفهم حماد بن سلمة فرواه عن عبد الرحمن بن أبي عتيق عن أبيه عن أبي بكر الصديق أخرجه أبو يعلى والسراج في مسنديهما عن عبد الأعلى بن حماد عن حماد بن سلمة . قال أبو يعلى في روايته : قال عبد الأعلى : هذا خطأ ، إنما هو عن عائشة .

قوله : ( وقال عطاء وقتادة يبتلع ريقه ) كذا للأكثر وللمستملي " يبلع " بغير مثناة ، وللحموي " يتبلع " بتقديم المثناة بعدها موحدة ثم مشددة ، فأما قول عطاء فوصله سعيد بن منصور وسيأتي في الباب الذي بعده ، وأما أثر قتادة فوصله عبد بن حميد في التفسير عن عبد الرزاق عن معمر عنه نحوه ، ومناسبته للترجمة من جهة أن أقصى ما يخشى من السواك الرطب أن يتحلل منه في الفم شيء ، وذلك الشيء كماء المضمضة ، فإذا قذفه من فيه لا يضره بعد ذلك أن يبتلع ريقه .

قوله : ( وقال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء ) وصله النسائي من طريق بشر بن عمر عن مالك عن ابن شهاب عن حميد عن أبي هريرة بهذا اللفظ ، ووقع لنا بعلو في " جزء الذهلي " ، وأخرجه ابن خزيمة من طريق روح بن عبادة عن مالك بلفظ : لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء والحديث في الصحيحين بغير هذا اللفظ من غير هذا الوجه ، وقد أخرجه النسائي أيضا من طريق عبد الرحمن السراج عن سعيد المقبري عن أبي هريرة بلفظ : لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك مع كل وضوء .

قوله : ( ويروى نحوه عن جابر وزيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم ) أما حديث جابر فوصله أبو نعيم في كتاب السواك من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل عنه بلفظ : " مع كل صلاة سواك " وعبد الله مختلف فيه ، ووصله ابن عدي من وجه آخر عن جابر بلفظ : " لجعلت السواك عليهم عزيمة " وإسناده ضعيف ، وأما حديث زيد بن خالد فوصله أصحاب السنن وأحمد من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عنه بلفظ : " عند كل صلاة " وحكى الترمذي عن البخاري أنه سأله عن رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة ورواية محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن زيد بن خالد فقال : رواية محمد بن إبراهيم أصح . قال الترمذي : كلا الحديثين صحيح عندي . قلت : رجح البخاري طريق [ ص: 189 ] محمد بن إبراهيم لأمرين ، أحدهما : أن فيه قصة وهي قول أبي سلمة ، فكان زيد بن خالد يضع السواك منه موضع القلم من أذن الكاتب ، فكلما قام إلى الصلاة استاك . ثانيهما : أنه توبع فأخرج الإمام أحمد من طريق يحيى بن أبي كثير حدثنا أبو سلمة عن يزيد بن خالد فذكر نحوه .

( تنبيه ) : وقع في رواية غير أبي ذر في سياق هذه الآثار والأحاديث تقديم وتأخير والخطب فيه يسير ، ثم أورد المصنف في الباب حديث عثمان في صفة الوضوء وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في كتاب الوضوء ، وفي أوائل الصلاة وذكرت ما يتعلق بمناسبته للترجمة قبل .

التالي السابق


الخدمات العلمية