صفحة جزء
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الاعتكاف

باب الاعتكاف في العشر الأواخر والاعتكاف في المساجد كلها لقوله تعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون

1921 حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدثني ابن وهب عن يونس أن نافعا أخبره عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان
[ ص: 319 ] قوله : ( باب الاعتكاف في العشر الأواخر ، والاعتكاف في المساجد كلها ) أي : مشروطية المسجد له من غير تخصيص بمسجد دون مسجد .

قوله : ( لقوله تعالى : ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد الآية ) ووجه الدلالة من الآية أنه لو صح في غير المسجد لم يختص تحريم المباشرة به ؛ لأن الجماع مناف للاعتكاف بالإجماع ، فعلم من ذكر المساجد أن المراد أن الاعتكاف لا يكون إلا فيها . ونقل ابن المنذر الإجماع على أن المراد بالمباشرة في الآية الجماع ، وروى الطبري وغيره من طريق قتادة في سبب نزول الآية : كانوا إذا اعتكفوا فخرج رجل لحاجته فلقي امرأته جامعها إن شاء فنزلت .

واتفق العلماء على مشروطية المسجد للاعتكاف ، إلا محمد بن عمر بن لبابة المالكي فأجازه في كل مكان ، وأجاز الحنفية للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها وهو المكان المعد للصلاة فيه ، وفيه قول للشافعي قدم ، وفي وجه لأصحابه وللمالكية يجوز للرجال والنساء ؛ لأن التطوع في البيوت أفضل ، وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى اختصاصه بالمساجد التي تقام فيها الصلوات ، وخصه أبو يوسف بالواجب منه ، وأما النفل ففي كل مسجد ، وقال الجمهور بعمومه من كل مسجد إلا لمن تلزمه الجمعة فاستحب له الشافعي في " الجامع " ، وشرطه مالك لأن الاعتكاف عندهما ينقطع بالجمعة ، ويجب بالشروع عند مالك ، وخصه طائفة من السلف كالزهري بالجامع مطلقا وأومأ إليه الشافعي في القديم ، وخصه حذيفة بن اليمان بالمساجد الثلاثة ، وعطاء بمسجد مكة والمدينة وابن المسيب بمسجد المدينة ، واتفقوا على أنه لا حد لأكثره ، واختلفوا في أقله فمن شرط فيه الصيام قال : أقله يوم ، ومنهم من قال : يصح مع شرط الصيام في دون اليوم . حكاه ابن قدامة ، وعن مالك يشترط عشرة أيام ، وعنه يوم أو يومان ، ومن لم يشترط الصوم قالوا : أقله ما يطلق عليه اسم لبث ولا يشترط القعود ، وقيل : يكفي المرور مع النية كوقوف عرفة ، وروى عبد الرزاق عن يعلى بن أمية الصحابي : " إني لأمكث في المسجد الساعة وما أمكث إلا لأعتكف " ، واتفقوا على فساده بالجماع حتى قال الحسن والزهري : من جامع فيه لزمته الكفارة ، وعن مجاهد : يتصدق بدينارين ، واختلفوا في غير الجماع : ففي المباشرة أقوال ثالثها إن أنزل بطل وإلا فلا . ثم أورد المصنف في الباب ثلاثة أحاديث .

أحدها حديث ابن عمر : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان " وقد أخرجه مسلم من هذا الوجه وزاد : قال نافع : وقد أراني عبد الله بن عمر المكان الذي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف فيه من المسجد ، وزاد ابن ماجه من وجه آخر عن نافع : أن ابن عمر كان إذا اعتكف طرح له فراشه [ ص: 320 ] وراء أسطوانة التوبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية