صفحة جزء
باب بيع السلاح في الفتنة وغيرها وكره عمران بن حصين بيعه في الفتنة

1994 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى أبي قتادة عن أبي قتادة رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين فأعطاه يعني درعا فبعت الدرع فابتعت به مخرفا في بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام
[ ص: 378 ] قوله : ( باب بيع السلاح في الفتنة وغيرها ) أي : هل يمنع أم لا؟

قوله : ( وكره عمران بن حصين بيعه في الفتنة ) أي : في أيام الفتنة ، وهذا وصله ابن عدي في الكامل من طريق أبي الأشهب عن أبي رجاء عن عمران ، ورواه الطبراني في الكبير من وجه آخر عن أبي رجاء عن عمران مرفوعا وإسناده ضعيف ، وكأن المراد بالفتنة ما يقع من الحروب بين المسلمين ؛ لأن في بيعه إذ ذاك إعانة لمن اشتراه ، وهذا محله إذا اشتبه الحال ، فأما إذا تحقق الباغي فالبيع للطائفة التي في جانبها الحق لا بأس به ، قال ابن بطال : إنما كره بيع السلاح في الفتنة ؛ لأنه من باب التعاون على الإثم ، ومن ثم كره مالك والشافعي وأحمد وإسحاق بيع العنب ممن يتخذه خمرا وذهب مالك إلى فسخ البيع وكأن المصنف أشار إلى خلاف الثوري في ذلك حيث قال : بع حلالك ممن شئت .

قوله : ( عن يحيى بن سعيد ) هو الأنصاري ، وعمر بن كثير هو ابن أفلح وقع في رواية يحيى بن يحيى الأندلسي " عمرو " بفتح العين وهو تصحيف . والإسناد كله مدنيون ، وفيه ثلاثة من التابعين في نسق أولهم يحيى .

قوله : ( خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حنين فبعت الدرع ) كذا وقع مختصرا ، فقال الخطابي : سقط شيء من الحديث لا يتم الكلام إلا به وهو أنه قتل رجلا من الكفار ، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان الدرع من سلبه ، وتعقبه ابن التين بأنه تعسف في الرد على البخاري ؛ لأنه إنما أراد جواز بيع الدرع فذكر موضعه من الحديث وحذف سائره ، وكذا يفعل كثيرا . قلت : وهو كما قال . وليس ما قاله الخطابي بمدفوع ، وسيأتي الحديث مستوف مع الكلام عليه في غزوة حنين من كتاب المغازي . وقد استشكل مطابقته للترجمة : قال الإسماعيلي ليس في هذا الحديث من ترجمة الباب شيء ، وأجيب بأن الترجمة مشتملة على بيع السلاح في الفتنة وغيرها ، فحديث أبي قتادة منزل على الشق الثاني وهو بيعه في غير الفتنة . وقرأت بخط القطب في شرحه : يحتمل أن يكون الرجل لما قال : " فأرضه منه " فأراد أن يأخذ الدرع ويعوضه عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكأنه بمنزلة البيع; وكان ذلك وقت الفتنة . انتهى . ولا يخفى تعسف هذا التأويل ، والحق أن الاستدلال بالبيع إنما هو في بيع أبي قتادة الدرع بعد ذلك ؛ لأنه باع الدرع فاشترى بثمنه البستان ، وكان ذلك في غير زمن الفتنة ، ويحتمل أن المراد بإيراد هذا الحديث جواز بيع السلاح [ ص: 379 ] في الفتنة لمن لا يخشى منه الضرر ؛ لأن أبا قتادة باع درعه في الوقت الذي كان القتال فيه قائما بين المسلمين والمشركين وأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، والظن به أنه لم يبعه ممن يعين على قتال المسلمين ، فيستفاد منه جواز بيعه في زمن القتال لمن لا يخشى منه .

قوله : ( مخرفا ) بالمعجمة الساكنة والفاء مفتوح الأول هو البستان ، وبكسر الميم الوعاء الذي يجمع فيه الثمار .

قوله : ( بني سلمة ) بكسر اللام .

قوله : ( تأثلته ) بالمثلثة قبل اللام أي : جمعته قاله ابن فارس ، وقال القزاز جعلته أصل مالي ، وأثلة كل شيء أصله .

التالي السابق


الخدمات العلمية