صفحة جزء
باب كم يجوز الخيار

2001 حدثنا صدقة أخبرنا عبد الوهاب قال سمعت يحيى بن سعيد قال سمعت نافعا عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن المتبايعين بالخيار في بيعهما ما لم يتفرقا أو يكون البيع خيارا قال نافع وكان ابن عمر إذا اشترى شيئا يعجبه فارق صاحبه
قوله : ( باب ) بالتنوين ( كم يجوز الخيار ) والخيار بكسر الخاء اسم من الاختيار أو التخيير ، وهو طلب خير الأمرين من إمضاء البيع أو فسخه ، وهو خياران : خيار المجلس وخيار الشرط ، وزاد بعضهم خيار النقيصة ، وهو مندرج في الشرط فلا يزاد . والكلام هنا على خيار الشرط ، والترجمة معقودة لبيان [ ص: 383 ] مقداره ، وليس في حديثي الباب بيان لذلك ، قال ابن المنير : لعله أخذ من عدم تحديده في الحديث أنه لا يتقيد ، بل يفوض الأمر فيه إلى الحاجة لتفاوت السلع في ذلك . قلت : وقد روى البيهقي من طريق أبي علقمة الغروي عن نافع عن ابن عمر مرفوعا : " الخيار ثلاثة أيام " وهذا كأنه مختصر من الحديث الذي أخرجه أصحاب السنن من طريق محمد بن إسحاق عن نافع في قصة حبان بن منقذ وسأذكره بعد خمسة أبواب ، وبه احتج للحنفية والشافعية في أن أمد الخيار ثلاثة أيام ، وأنكر مالك التوقيت في خيار الشرط ثلاثة أيام بغير زيادة ، وإن كانت في الغالب يمكن الاختيار فيها ، لكن لكل شيء أمد بحسبه يتخير فيه ، فللدابة مثلا والثوب يوم أو يومان وللجارية جمعة وللدار شهر ، وقال الأوزاعي يمتد الخيار شهرا وأكثر بحسب الحاجة إليه .

وقال الثوري : يختص الخيار بالمشتري ويمتد له إلى عشرة أيام وأكثر ، ويقال : إنه انفرد بذلك ، وقد صح القول بامتداد الخيار عن عمر وغيره ، وسيأتي شيء منه في أبواب الملازمة ، ويحتمل أن يكون مراد البخاري بقوله : " كم يجوز الخيار " أي : كم يخير أحد المتبايعين الآخر مرة . وأشار إلى ما في الطريق الآتية بعد ثلاثة أبواب من زيادة همام : " ويختار ثلاث مرار " لكن لما لم تكن الزيادة ثابتة أبقى الترجمة على الاستفهام كعادته .

قوله : ( حدثنا صدقة ) هو ابن الفضل المروزي ، وعبد الوهاب هو الثقفي ، ويحيى بن سعيد هو الأنصاري .

قوله : ( إن المتبايعين بالخيار ) كذا للأكثر ، وحكى ابن التين في رواية القابسي : " إن المتبايعان " قال : وهي لغة ، وفي رواية أيوب عن نافع في الباب الذي يليه " البيعان " بتشديد التحتانية ، والبيع بمعنى البائع كضيق وضائق وصين وصائن وليس كبين وبائن ، فإنهما متغايران كقيم وقائم ، واستعمال البيع في المشتري إما على سبيل التغليب أو لأن كلا منهما بائع .

قوله : ( ما لم يتفرقا ) في رواية النسائي " يفترقا " بتقديم الفاء ، ونقل ثعلب عن الفضل بن سلمة افترقا بالكلام وتفرقا بالأبدان ، ورده ابن العربي بقوله تعالى : وما تفرق الذين أوتوا الكتاب فإنه ظاهر في التفرق بالكلام لا أنه بالاعتقاد ، وأجيب بأنه من لازمه في الغالب ؛ لأن من خالف آخر في عقيدته كان مستدعيا لمفارقته إياه ببدنه ، ولا يخفى ضعف هذا الجواب ، والحق حمل كلام الفضل على الاستعمال بالحقيقة ، وإنما استعمل أحدهما في موضع الآخر اتساعا .

قوله : ( أو يكون البيع خيارا ) سيأتي شرحه بعد باب .

قوله : ( قال نافع وكان ابن عمر . . . إلخ ) هو موصول بالإسناد المذكور ، وقد ذكره مسلم أيضا من طريق ابن جريج عن نافع ، وهو ظاهر في أن ابن عمر كان يذهب إلى أن التفرق المذكور بالأبدان كما سيأتي . وفي الحديث ثبوت الخيار لكل من المتبايعين ما داما في المجلس وسيأتي بعد باب .

التالي السابق


الخدمات العلمية