صفحة جزء
باب بيع الدينار بالدينار نساء

2069 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا الضحاك بن مخلد حدثنا ابن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار أن أبا صالح الزيات أخبره أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم فقلت له فإن ابن عباس لا يقوله فقال أبو سعيد سألته فقلت سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم أو وجدته في كتاب الله قال كل ذلك لا أقول وأنتم أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم مني ولكن أخبرني أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ربا إلا في النسيئة
[ ص: 446 ] قوله : ( باب بيع الدينار بالدينار نساء ) بفتح النون المهملة والمد والتنوين منصوبا ، أي : مؤجلا مؤخرا ، يقال : أنسأه نساء ونسيئة .

قوله : ( الضحاك بن مخلد ) هو أبو عاصم شيخ البخاري ، وقد حدث في مواضع عنه بواسطة كهذا الموضع .

قوله : ( سمع أبا سعيد الخدري يقول : الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم ) كذا وقع في هذه الطريق ، وقد أخرجه مسلم من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار فزاد فيه : " مثلا بمثل ، من زاد أو ازداد فقد أربى " .

قوله : ( إن ابن عباس لا يقوله ) في رواية مسلم " يقول غير هذا " .

قوله : ( فقال أبو سعيد سألته ) في رواية مسلم : " لقد لقيت ابن عباس فقلت له " .

قوله : ( فقال : كل ذلك لا أقول ) بنصب " كل " ; على أنه مفعول مقدم ، وهو في المعنى نظير قوله عليه الصلاة والسلام في حديث ذي اليدين : " كل ذلك لم يكن " فالمنفي هو المجموع ، وفي رواية مسلم " فقال : لم أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا وجدته في كتاب الله عز وجل " ولمسلم من طريق عطاء : " أن أبا سعيد لقي ابن عباس " فذكر نحوه وفيه : " فقال كل ذلك لا أقول ، أما رسول الله فأنتم أعلم به ، وأما كتاب الله فلا أعلمه " أي : لا أعلم هذا الحكم فيه ، وإنما قال لأبي سعيد : " أنتم أعلم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني " لكون أبي سعيد وأنظاره كانوا أسن منه ، وأكثر ملازمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وفي السياق دليل على أن أبا سعيد وابن عباس متفقان على أن الأحكام الشرعية لا تطلب إلا من الكتاب أو السنة .

قوله : ( لا ربا إلا في النسيئة ) في رواية مسلم : " الربا في النسيئة " وله من طريق عبيد الله بن أبي يزيد وعطاء جميعا عن ابن عباس : " إنما الربا في النسيئة " زاد في رواية عطاء : " ألا إنما الربا " وزاد في رواية طاوس عن ابن عباس : " لا ربا فيما كان يدا بيد " وروى مسلم من طريق أبي نضرة قال : " سألت ابن عباس عن الصرف فقال : أيدا بيد؟ قلت : نعم . قال : فلا بأس . فأخبرت أبا سعيد فقال أوقال ذلك؟ إنا سنكتب إليه فلا يفتيكموه " وله من وجه آخر عن أبي نضرة : " سألت ابن عمر وابن عباس عن الصرف فلم يريا به بأسا ، فإني لقاعد عند أبي سعيد فسألته عن الصرف فقال : ما زاد فهو ربا ، فأنكرت ذلك لقولهما " فذكر الحديث قال : " فحدثني أبو الصهباء أنه سأل ابن عباس عنه بمكة فكرهه " . والصرف - بفتح المهملة - : دفع ذهب وأخذ فضة وعكسه ، وله شرطان : منع النسيئة مع اتفاق النوع واختلافه وهو المجمع عليه ، ومنع التفاضل في النوع الواحد منهما وهو قول الجمهور . وخالف فيه ابن عمر ثم رجع ، وابن عباس واختلف في رجوعه [ ص: 447 ] وقد روى الحاكم من طريق حيان العدوي وهو بالمهملة والتحتانية : " سألت أبا مجلز عن الصرف فقال : كان ابن عباس لا يرى به بأسا زمانا من عمره ما كان منه عينا بعين يدا بيد ، وكان يقول : إنما الربا في النسيئة فلقيه أبو سعيد " فذكر القصة والحديث ، وفيه : " التمر بالتمر والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير والذهب بالذهب والفضة بالفضة يدا بيد مثلا بمثل ، فمن زاد فهو ربا ، فقال ابن عباس : أستغفر الله وأتوب إليه ، فكان ينهى عنه أشد النهي " .

واتفق العلماء على صحة حديث أسامة ، واختلفوا في الجمع بينه وبين حديث أبي سعيد فقيل : منسوخ ، لكن النسخ لا يثبت بالاحتمال . وقيل : المعنى في قوله : " لا ربا " الربا الأغلظ الشديد التحريم المتوعد عليه بالعقاب الشديد كما تقول العرب : لا عالم في البلد إلا زيد ، مع أن فيها علماء غيره ، وإنما القصد نفي الأكمل لا نفي الأصل ، وأيضا فنفي تحريم ربا الفضل من حديث أسامة إنما هو بالمفهوم ، فيقدم عليه حديث أبي سعيد لأن دلالته بالمنطوق ، ويحمل حديث أسامة على الربا الأكبر كما تقدم ، والله أعلم . وقال الطبري : معنى حديث أسامة : " لا ربا إلا في النسيئة " إذا اختلفت أنواع البيع والفضل فيه يدا بيد ربا ؛ جمعا بينه وبين حديث أبي سعيد .

( تنبيه ) : وقع في نسخة الصغاني هنا " قال أبو عبد الله " يعني : البخاري " سمعت سليمان بن حرب يقول : لا ربا إلا في النسيئة هذا عندنا في الذهب بالورق والحنطة بالشعير متفاضلا ولا بأس به يدا بيد ولا خير فيه نسيئة " قلت : وهذا موافق >[1] وفي قصة أبي سعيد مع ابن عمر ومع ابن عباس أن العالم يناظر العالم ويوقفه على معنى قوله ويرده من الاختلاف إلى الاجتماع ويحتج عليه بالأدلة ، وفيه إقرار الصغير للكبير بفضل التقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية