صفحة جزء
باب من باع نخلا قد أبرت أو أرضا مزروعة أو بإجارة قال أبو عبد الله و قال لي إبراهيم أخبرنا هشام أخبرنا ابن جريج قال سمعت ابن أبي مليكة يخبر عن نافع مولى ابن عمر أنه قال أيما نخل بيعت قد أبرت لم يذكر الثمر فالثمر للذي أبرها وكذلك العبد والحرث سمى له نافع هؤلاء الثلاث


قوله : ( باب من باع نخلا قد أبرت أو أرضا مزروعة أو بإجارة ) أي : أخذ شيئا مما ذكر بإجارة . والنخل اسم جنس يذكر ويؤنث والجمع نخيل ، وقوله : أبرت بضم الهمزة وكسر الموحدة مخففا على المشهور ومشددا والراء مفتوحة يقال : أبرت النخل آبره أبرا بوزن أكلت الشيء آكله أكلا ، ويقال : أبرته بالتشديد أؤبره تأبيرا ، بوزن علمته أعلمه تعليما والتأبير التشقيق والتلقيح ومعناه شق طلع النخلة الأنثى ليذر فيه شيء من طلع النخلة الذكر ، والحكم مستمر بمجرد التشقيق ولو لم يضع فيه شيئا . وروى مسلم من حديث طلحة قال : " مررت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوم على رءوس النخل فقال ما يصنع هؤلاء؟ قالوا : يلقحونه يجعلون الذكر في الأنثى فيلقح " الحديث .

قوله : ( وقال لي إبراهيم ) يعني : ابن موسى الرازي ، وهشام شيخه هو ابن يوسف الصنعاني .

قوله : ( أيما نخل ) هكذا رواه ابن جريج عن نافع موقوفا ، قال البيهقي : ونافع يروي حديث النخل عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديث العبد عن ابن عمر عن عمر موقوفا . قلت : وقد أسند المؤلف حديث العبد مرفوعا كما سيأتي التنبيه عليه في كتاب الشرب ، ونذكر هناك إن شاء الله تعالى ما وقع لصاحب " العمدة " وشارحيها من الوهم فيه ، وحديث الحارث لم يروه غير ابن جريج ، والرواية الموصولة ذكرها مالك والليث كما تراه في هذا الباب وفي الباب الذي يلي الباب الذي بعده ، ووصل مالك والليث وغيرهما عن نافع عن ابن عمر قصة النخل دون غيرها . واختلف على نافع وسالم في رفع ما عدا النخل : فرواه الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعا في قصة النخل والعبد معا هكذا أخرجه الحفاظ عن الزهري ، وخالفهم سفيان بن حسين فزاد فيه ابن عمر عن عمر مرفوعا لجميع الأحاديث [ ص: 470 ] أخرجه النسائي ، وروى مالك والليث وأيوب وعبيد الله بن عمر وغيرهم عن نافع عن ابن عمر قصة النخل ، وعن ابن عمر عن عمر قصة العبد موقوفة ، كذلك أخرجه أبو داود من طريق مالك بالإسنادين معا ، وسيأتي في الشرب من طريق مالك في قصة العبد موقوفة . وجزم مسلم والنسائي والدارقطني بترجيح رواية نافع المفصلة على رواية سالم ، ومال علي بن المديني والبخاري وابن عبد البر إلى ترجيح رواية سالم ، وروي عن نافع رفع القصتين أخرجه النسائي من طريق عبد ربه بن سعيد عنه وهو وهم ، وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع قال : ما هو إلا عن عمر شأن العبد; وهذا لا يدفع قول من صحح الطريقين وجوز أن يكون الحديث عند نافع عن ابن عمر على الوجهين .

قوله : ( وكذلك العبد والحرث ) يشير بالعبد إلى حديث : " من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع " وصورة تشبيهه بالنخل من جهة الزوائد في كل منهما ، وأما الحرث فقال القرطبي : إبار كل شيء بحسب ما جرت العادة أنه إذا فعل فيه نبتت الثمرة ، ثمرته وانعقدت فيه ، ثم قد يعبر به عن ظهور الثمرة وعن انعقادها وإن لم يفعل فيها شيء .

التالي السابق


الخدمات العلمية