صفحة جزء
باب إذا اشترى شيئا لغيره بغير إذنه فرضي

2102 حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبو عاصم أخبرنا ابن جريج قال أخبرني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خرج ثلاثة نفر يمشون فأصابهم المطر فدخلوا في غار في جبل فانحطت عليهم صخرة قال فقال بعضهم لبعض ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه فقال أحدهم اللهم إني كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت أخرج فأرعى ثم أجيء فأحلب فأجيء بالحلاب فآتي به أبوي فيشربان ثم أسقي الصبية وأهلي وامرأتي فاحتبست ليلة فجئت فإذا هما نائمان قال فكرهت أن أوقظهما والصبية يتضاغون عند رجلي فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما حتى طلع الفجر اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجة نرى منها السماء قال ففرج عنهم وقال الآخر اللهم إن كنت تعلم أني كنت أحب امرأة من بنات عمي كأشد ما يحب الرجل النساء فقالت لا تنال ذلك منها حتى تعطيها مائة دينار فسعيت فيها حتى جمعتها فلما قعدت بين رجليها قالت اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه فقمت وتركتها فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجة قال ففرج عنهم الثلثين وقال الآخر اللهم إن كنت تعلم أني استأجرت أجيرا بفرق من ذرة فأعطيته وأبى ذاك أن يأخذ فعمدت إلى ذلك الفرق فزرعته حتى اشتريت منه بقرا وراعيها ثم جاء فقال يا عبد الله أعطني حقي فقلت انطلق إلى تلك البقر وراعيها فإنها لك فقال أتستهزئ بي قال فقلت ما أستهزئ بك ولكنها لك اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فكشف عنهم
[ ص: 478 ] قوله : ( باب إذا اشترى شيئا لغيره بغير إذنه فرضي ) هذه الترجمة معقودة لبيع الفضولي ، وقد مال البخاري فيها إلى الجواز ، وأورد فيه حديث ابن عمر في قصة الثلاثة الذين انحطت عليهم الصخرة في الغار وسيأتي شرحه في أواخر أحاديث الأنبياء ، وموضع الترجمة منه قول أحدهم : " إني استأجرت أجيرا بفرق من ذرة فأعطيته فأبى ، فعمدت إلى الفرق فزرعته حتى اشتريت منه بقرا وراعيها " فإن فيه تصرف الرجل في مال الأجير بغير إذنه ، ولكنه لما ثمره له ونماه وأعطاه أخذه ورضي ، وطريق الاستدلال به ينبني على أن شرع من قبلنا شرع لنا والجمهور على خلافه والخلاف فيه شهير ، لكن يتقرر بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ساقه مساق المدح والثناء على فاعله وأقره على ذلك ، ولو كان لا يجوز لبينه ، . فبهذا الطريق يصح الاستدلال به لا بمجرد كونه شرع من قبلنا ، وفي اقتصار البخاري على الاستنباط لهذا الحكم بهذه الطريق دلالة على أن الذي أخرجه في فضل الخيل من حديث عروة البارقي في قصة بيعه الشاة لم يقصد به الاستدلال لهذا الحكم ، وقد أجيب عن حديث الباب بأنه يحتمل أنه استأجره بفرق في الذمة ، ولما عرض عليه الفرق فلم يقبضه استمر في ذمة المستأجر ؛ لأن الذي في الذمة لا يتعين إلا بالقبض ، فلما تصرف فيه المالك صح تصرفه سواء اعتقده لنفسه أو لأجيره ، ثم إنه تبرع بما اجتمع منه على الأجير برضى منه والله أعلم .

قال ابن بطال : وفيه دليل على صحة قول ابن القاسم : إذا أودع رجل رجلا طعاما فباعه المودع بثمن فرضي المودع فله الخيار إن شاء أخذ الثمن الذي باعه به وإن شاء أخذ مثل طعامه . ومنع أشهب قال ؛ لأنه طعام بطعام فيه خيار . واستدل به لأبي ثور في قوله : إن من غصب قمحا فزرعه إن كل ما أخرجت الأرض من القمح فهو لصاحب الحنطة . وسيأتي بقية الكلام على هذا الفرع وما يتعلق به مع الكلام على بقية فوائد حديث أهل الغار في أواخر أحاديث الأنبياء . وقوله : في هذه الطريق " أخبرنا ابن جريج أخبرني موسى بن عقبة عن نافع " فيه إدخال الواسطة بين ابن جريج ونافع ، وابن جريج قد سمع الكثير من نافع . ففيه دلالة على قلة تدليس ابن جريج وروايته عن موسى من نوع رواية الأقران . وفي الإسناد ثلاثة من التابعين في نسق . وقوله : في المتن " الحلاب " بكسر المهملة وتخفيف اللام آخره موحدة : الإناء الذي يحلب فيه ، أو المراد اللبن . وقوله : " يتضاغون " بمعجمتين أي : يتباكون من الضغاء وهو البكاء بصوت . وقوله : " فرجة " بضم الفاء ويجوز الفتح ، و " الفرق " تقدم في الزكاة و " الذرة " بضم المعجمة وتخفيف الراء معروف .

التالي السابق


الخدمات العلمية