صفحة جزء
باب من استأجر أجيرا فترك الأجير أجره فعمل فيه المستأجر فزاد أو من عمل في مال غيره فاستفضل

2152 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري حدثني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتى أووا المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم فقال رجل منهم اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا فنأى بي في طلب شيء يوما فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين وكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر فاستيقظا فشربا غبوقهما اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج قال النبي صلى الله عليه وسلم وقال الآخر اللهم كانت لي بنت عم كانت أحب الناس إلي فأردتها عن نفسها فامتنعت مني حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت حتى إذا قدرت عليها قالت لا أحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه فتحرجت من الوقوع عليها فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها اللهم إن كنت فعلت ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها قال النبي صلى الله عليه وسلم وقال الثالث اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال فجاءني بعد حين فقال يا عبد الله أد إلي أجري فقلت له كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق فقال يا عبد الله لا تستهزئ بي فقلت إني لا أستهزئ بك فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون
[ ص: 526 ] قوله : ( باب من استأجر أجيرا فترك أجره ) في رواية الكشميهني : " فترك الأجير أجره " .

قوله : ( فعمل فيه المستأجر ) أي : اتجر فيه أو زرع ( فزاد ) أي : ربح .

قوله : ( ومن عمل في مال غيره فاستفضل ) هو من عطف العام على الخاص ؛ لأن العامل في مال غيره أعم من أن يكون مستأجرا أو غير مستأجر ولم يذكر المصنف الجواب إشارة إلى الاحتمال كعادته . ثم ذكر فيه حديث ابن عمر في قصة الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار ، وقد تقدم من وجه آخر قريبا . وقد تعقب المهلب ترجمة البخاري بأنه ليس في القصة دليل لما ترجم له ، وإنما اتجر الرجل في أجر أجيره ثم أعطاه له على سبيل التبرع ، وإنما الذي كان يلزمه قدر العمل خاصة ، وقد تقدم ذلك في أثناء كتاب البيوع وسيأتي شرحه مستوفى في أواخر أحاديث الأنبياء ، إن شاء الله تعالى .

وقوله : في هذه الرواية : " لا أغبق " هو من الغبوق بالغين المعجمة والموحدة وآخره قاف : شرب العشي ، وضبطوه بفتح الهمزة أغبق من الثلاثي ، إلا الأصيلي فبضمها من الرباعي وخطئوه . وقوله : " أهلا ولا مالا " المراد بالأهل ما له من زوج وولد ، وبالمال ما له من رقيق وخدم ، وزعم الداودي أن المراد بالمال الدواب وتعقبوه وله وجه . وقوله : " فنأى " بفتح النون والهمزة مقصورا بوزن سعى أي : بعد ، وفي رواية كريمة والأصيلي " فناء " بمد بعد النون بوزن جاء ، وهو بمعنى الأول . وقوله : " فلم أرح " بضم الهمزة وكسر الراء ، وقوله : " برق الفجر " بفتح الراء أي : أضاء ، وقوله : " فافرج " بالوصل وضم الراء وبهمزة قطع وكسر الراء من الفرج أو من الإفراج ، وقوله : " كل ما ترى من أجلك " كذا للكشميهني ، ولأبي زيد المروزي وللباقين : " من أجرك " ولكل وجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية