صفحة جزء
باب من رد أمر السفيه والضعيف العقل وإن لم يكن حجر عليه الإمام ويذكر عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رد على المتصدق قبل النهي ثم نهاه وقال مالك إذا كان لرجل على رجل مال وله عبد لا شيء له غيره فأعتقه لم يجز عتقه ومن باع على الضعيف ونحوه فدفع ثمنه إليه وأمره بالإصلاح والقيام بشأنه فإن أفسد بعد منعه لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال وقال للذي يخدع في البيع إذا بايعت فقل لا خلابة ولم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ماله

2283 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد العزيز بن مسلم حدثنا عبد الله بن دينار قال سمعت ابن عمر رضي الله عنهما قال كان رجل يخدع في البيع فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إذا بايعت فقل لا خلابة فكان يقوله
[ ص: 87 ] قوله : ( باب من رد أمر السفيه والضعيف العقل وإن لم يكن حجر عليه الإمام ) يعني وفاقا لابن القاسم وقصره أصبغ على من ظهر سفهه ، وقال غيره من المالكية لا يرد مطلقا إلا ما تصرف فيه بعد الحجر وهو قول الشافعية وغيرهم ، واحتج ابن القاسم بقصة المدبر حيث رد النبي - صلى الله عليه وسلم - بيعه قبل الحجر عليه ; واحتج غيره بقصة الذي كان يخدع في البيوع حيث لم يحجر عليه ولم يفسخ ما تقدم من بيوعه . وأشار البخاري بما ذكر من أحاديث الباب إلى التفصيل بين من ظهرت منه الإضاعة فيرد تصرفه فيما إذا كان في الشيء الكثير أو المستغرق وعليه تحمل قصة المدبر ، وبين ما إذا كان في الشيء اليسير أو جعله له شرطا يأمن به من إفساد ماله فلا يرد وعليه تحمل قصة الذي كان يخدع .

قوله ( ويذكر عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد على المتصدق قبل النهي ثم نهاه ) قال عبد الحق : مراده قصة الذي دبر عبده فباعه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكذا أشار إلى ذلك ابن بطال ومن بعده حتى جعله مغلطاي حجة في الرد على ابن الصلاح حيث قرر أن الذي يذكره البخاري بغير صيغة الجزم لا يكون حاكما بصحته فقال مغلطاي : قد ذكره بغير صيغة الجزم هنا وهو صحيح عنده وتعقبه شيخنا في " النكت على ابن الصلاح " بأن البخاري لم يرد بهذا التعليق قصة المدبر ، وإنما أراد قصة الرجل الذي دخل والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب فأمرهم فتصدقوا عليه فجاء في الثانية فتصدق عليه بأحد ثوبيه فرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال وهو حديث ضعيف أخرجه الدارقطني وغيره .

قلت : لكن ليس هو من حديث جابر وإنما هـو حديث أبي سعيد الخدري ، وليس بضعيف بل هو إما صحيح وإما حسن ، أخرجه أصحاب السنن وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم ، وقد بسطت ذلك فيما كتبته على ابن الصلاح ، والذي ظهر لي أولا أنه أراد حديث جابر في قصة الرجل الذي جاء ببيضة من ذهب أصابها في معدن فقال : يا رسول الله خذها مني صدقة فوالله ما لي مال غيرها فأعرض عنه ، فأعاد فحذفه بها ، ثم قال : يأتي أحدكم بماله لا يملك غيره فيتصدق به ثم يقعد بعد ذلك يتكفف الناس ، إنما الصدقة عن ظهر غنى وهو عند أبي داود وصححه ابن خزيمة . ثم ظهر لي أن البخاري إنما أراد قصة المدبر كما قال عبد الحق ، وإنما لم يجزم به لأن القدر الذي يحتاج إليه في هذه الترجمة ليس على شرطه وهو من طريق أبي الزبير عن جابر أنه قال : أعتق رجل من بني عذرة عبدا له عن دبر ، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ألك مال غيره ؟ فقال : لا . . . الحديث وفيه ثم قال : ابدأ بنفسك فتصدق عليها ، فإن فضل شيء فلأهلك الحديث ، وهذه الزيادة تفرد بها أبو الزبير عن جابر وليس هو من شرط البخاري ، والبخاري لا يجزم غالبا إلا بما كان على شرطه . والله أعلم .

قوله : ( وقال مالك إلخ ) هكذا أخرجه ابن وهب في موطئه عنه ، وأخذ مالك ذلك من قصة المدبر كما ترى .

[ ص: 88 ] قوله : ( ومن باع على الضعيف ونحوه فدفع ثمنه إليه وأمره بالإصلاح إلخ ) هكذا للجميع ، ولأبي ذر هنا " باب من باع إلخ " والأول أليق ، وقد تقدم توجيه ما ذكره في هذا الموضع وأنه لا يمنع من التصرف إلا بعد ظهور الإفساد ، وقد مضى الكلام على حديث النهي عن إضاعة المال قبل بابين

وحديث الذي يخدع في كتاب البيوع

التالي السابق


الخدمات العلمية