صفحة جزء
باب غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة

227 حدثنا عبدان قال أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا عمرو بن ميمون الجزري عن سليمان بن يسار عن عائشة قالت كنت أغسل الجنابة من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء في ثوبه
قوله : ( باب غسل المني وفركه ) لم يخرج البخاري حديث الفرك بل اكتفى بالإشارة إليه في الترجمة على عادته ; لأنه ورد من حديث عائشة أيضا كما سنذكره . وليس بين حديث الغسل وحديث الفرك تعارض ; لأن الجمع بينهما واضح على القول بطهارة المني بأن يحمل الغسل على الاستحباب للتنظيف لا على الوجوب وهذه طريقة الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث وكذا الجمع ممكن على القول بنجاسته بأن يحمل الغسل على ما كان رطبا والفرك على ما كان يابسا وهذه طريقة الحنفية والطريقة الأولى أرجح ; لأن فيها العمل بالخبر والقياس معا ; لأنه لو كان نجسا لكان القياس وجوب غسله دون الاكتفاء بفركه كالدم وغيره وهم لا يكتفون فيما لا يعفى عنه من الدم بالفرك ويرد الطريقة الثانية أيضا ما في رواية ابن خزيمة من طريق أخرى عن عائشة " كانت تسلت المني من ثوبه بعرق الإذخر ثم يصلي فيه وتحكه من ثوبه يابسا ثم يصلي فيه " فإنه يتضمن ترك الغسل في الحالتين ، وأما مالك فلم يعرف الفرك وقال : إن العمل عندهم على وجوب الغسل كسائر النجاسات وحديث الفرك حجة عليهم وحمل بعض أصحابه الفرك على الدلك بالماء وهو مردود بما في إحدى روايات مسلم عن عائشة " لقد رأيتني وإني لأحكه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يابسا بظفري " وبما صححه الترمذي من حديث همام بن الحارث أن عائشة أنكرت على ضيفها غسله الثوب فقالت " لم أفسد علينا ثوبنا ؟ إنما كان يكفيه أن يفركه بأصابعه فربما فركته من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصابعي " . وقال بعضهم : الثوب الذي اكتفت فيه بالفرك ثوب النوم والثوب الذي غسلته ثوب الصلاة ، [ ص: 398 ] وهو مردود أيضا بما في إحدى روايات مسلم من حديثها أيضا " لقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فركا فيصلي فيه " وهذا التعقيب بالفاء ينفي احتمال تخلل الغسل بين الفرك والصلاة . وأصرح منه رواية ابن خزيمة " أنها كانت تحكه من ثوبه - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي " وعلى تقدير عدم ورود شيء من ذلك فليس في حديث الباب ما يدل على نجاسة المني ; لأن غسلها فعل وهو لا يدل على الوجوب بمجرده والله أعلم . وطعن بعضهم في الاستدلال بحديث الفرك على طهارة المني بأن مني النبي - صلى الله عليه وسلم - طاهر دون غيره كسائر فضلاته . والجواب على تقدير صحة كونه من الخصائص أن منيه كان عن جماع فيخالط مني المرأة فلو كان منيها نجسا لم يكتف فيه بالفرك وبهذا احتج الشيخ الموفق وغيره على طهارة رطوبة فرجها قال : ومن قال إن المني لا يسلم من المذي فيتنجس به لم يصب ; لأن الشهوة إذا اشتدت خرج المني دون المذي والبول كحالة الاحتلام والله أعلم .

) قوله : ( وغسل ما يصيب ) أي الثوب وغيره من المرأة وفي هذه المسألة حديث صريح ذكره المصنف بعد في آخر كتاب الغسل من حديث عثمان ولم يذكره هنا وكأنه استنبطه مما أشرنا إليه من أن المني الحاصل في الثوب لا يخلو غالبا من مخالطة ماء المرأة ورطوبتها .

قوله : ( عمرو بن ميمون الجزري ) كذا للجمهور وهو الصواب وهو بفتح الجيم والزاي بعدها راء منسوب إلى الجزيرة وكان ميمون بن مهران والد عمرو نزلها فنسب إليها ولده . ووقع في رواية الكشميهني وحده الجوزي بواو ساكنة بعدها زاي وهو غلط منه .

قوله : ( أغسل الجنابة ) أي أثر الجنابة فيكون على حذف مضاف أو أطلق اسم الجنابة على المني مجازا .

قوله : ( بقع ) بضم الموحدة وفتح القاف جمع بقعة قال أهل اللغة : البقع اختلاف اللونين .

التالي السابق


الخدمات العلمية