صفحة جزء
باب إذا أسر أخو الرجل أو عمه هل يفادى إذا كان مشركا وقال أنس قال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم فاديت نفسي وفاديت عقيلا وكان علي له نصيب في تلك الغنيمة التي أصاب من أخيه عقيل وعمه عباس

2400 حدثنا إسماعيل بن عبد الله حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال حدثني أنس رضي الله عنه أن رجالا من الأنصار استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس فداءه فقال لا تدعون منه درهما
قوله : ( باب إذا أسر أخو الرجل أو عمه هل يفادى ) بضم أوله وفتح الدال .

قوله : ( إذا كان مشركا ) قيل إنه أشار بهذه الترجمة إلى تضعيف الحديث الوارد فيمن ملك ذا رحم فهو حر ، وهو حديث أخرجه أصحاب السنن من حديث الحسن عن سمرة ، واستنكره ابن المديني ، ورجح الترمذي إرساله ، وقال البخاري : لا يصح ، وقال أبو داود : تفرد به حماد وكان يشك في وصله ، وغيره يرويه عن قتادة عن الحسن قوله : وعن قتادة عن عمر قوله منقطعا أخرج ذلك النسائي ، وله طريق أخرى أخرجه أصحاب السنن أيضا - إلا أبا داود - من طريق ضمرة عن الثوري عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر وقال النسائي : منكر ، وقال الترمذي : خطأ .

وقال جمع من الحفاظ دخل لضمرة حديث في حديث ، وإنما روى الثوري بهذا الإسناد حديث النهي عن بيع الولاء وعن هبته ، وجرى الحاكم وابن حزم وابن القطان على ظاهر الإسناد فصححوه ، وقد أخذ بعمومه الحنفية والثوري والأوزاعي والليث ، وقال داود لا يعتق أحد على أحد ، وذهب الشافعي إلى أنه لا يعتق على المرء إلا أصوله وفروعه ، لا لهذا الدليل بل لأدلة أخرى ، وهو مذهب مالك وزاد الإخوة حتى من الأم ، وزعم ابن بطال أن في حديث الباب حجة عليه ، وفيه نظر لما سأذكره .

قوله : ( وقال أنس : قال العباس : فاديت نفسي وفاديت عقيلا ) هو طرف من حديث أوله أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بمال من البحرين فقال : انثروه في المسجد وقد تقدم في " باب القسمة وتعليق القنو في المسجد " من كتاب الصلاة .

قوله : ( وكان علي ) أي ابن أبي طالب ( له نصيب في تلك الغنيمة التي أصاب من أخيه عقيل ومن عمه العباس ) هو كلام المصنف ساقه مستدلا به على أنه لا يعتق بذلك ، أي فلو كان الأخ ونحوه يعتق بمجرد [ ص: 200 ] الملك لعتق العباس وعقيل على علي في حصته من الغنيمة . وأجاب ابن المنير عن ذلك أن الكافر لا يملك بالغنيمة ابتداء ، بل يتخير الإمام بين القتل أو الاسترقاق أو الفداء أو المن ، فالغنيمة سبب إلى الملك بشرط اختيار الإرقاق ، فلا يلزم العتق بمجرد الغنيمة ، ولعل هذا هـو النكتة في إطلاق المصنف الترجمة ، ولعله يذهب إلى أنه يعتق إذا كان مسلما ولا يعتق إذا كان مشركا وقوفا عند ما ورد به الخبر .

قوله : ( حدثنا إسماعيل بن عبد الله ) هو ابن أبي أويس .

قوله : ( أن رجالا من الأنصار ) لم أعرف أسماءهم الآن .

قوله : ( لابن أختنا ) بالمثناة ( عباس ) هو ابن عبد المطلب ، والمراد أنهم أخوال أبيه عبد المطلب ، فإن أم العباس هي نتيلة بالنون والمثناة مصغرة بنت جنان بالجيم والنون ، وليست من الأنصار ، وإنما أرادوا بذلك أن أم عبد المطلب منهم ، لأنها سلمى بنت عمرو بن أحيحة بمهملتين مصغر وهي من بني النجار ، ومثله ما وقع في حديث الهجرة أنه - صلى الله عليه وسلم - نزل على أخواله بني النجار ، وأخواله حقيقة إنما هـم بنو زهرة . وبنو النجار أخوال جده عبد المطلب . قال ابن الجوزي :

صحف بعض المحدثين لجهله بالنسب فقال : " ابن أخينا " بكسر الخاء بعدها تحتانية ، وليس هو ابن أخيهم ، إذ لا نسب بين قريش والأنصار ، قال : وإنما قالوا : ابن أختنا لتكون المنة عليهم في إطلاقه بخلافه ما لو قالوا : عمك لكانت المنة عليه - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا من قوة الذكاء وحسن الأدب في الخطاب ، وإنما امتنع - صلى الله عليه وسلم - من إجابتهم لئلا يكون في الدين نوع محاباة . وسيأتي مزيد في هذه القصة في الكلام على غزوة بدر إن شاء الله تعالى . وأراد المصنف بإيراده هنا الإشارة إلى أن حكم القرابة من ذوي الأرحام في هذا لا يختلف من حكم القرابة من العصبات . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية