صفحة جزء
234 حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا معن قال حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس عن ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة سقطت في سمن فقال خذوها وما حولها فاطرحوه قال معن حدثنا مالك ما لا أحصيه يقول عن ابن عباس عن ميمونة
[ ص: 410 ] قوله : ( حدثنا معن ) هو ابن عيسى القزاز .

قوله : ( خذوها وما حولها فاطرحوه ) أي الجميع وكلوا الباقي كما دلت عليه الرواية الأولى .

قوله : ( قال معن ) هو قول علي بن عبد الله فهو متصل وأبعد من قال إنه معلق وإنما أورد البخاري كلام معن وساق حديثه بنزول - بالنسبة للإسناد الذي قبله - مع موافقته له في السياق للإشارة إلى الاختلاف على مالك في إسناده فرواه أصحاب الموطأ عنه واختلفوا فمنهم من ذكره عنه هكذا كيحيى بن يحيى وغيره ومنهم من لم يذكر فيه ميمونة كالقعنبي وغيره ومنهم من لم يذكر فيه ابن عباس كأشهب وغيره ، ومنهم من لم يذكر فيه ابن عباس ولا ميمونة كيحيى بن بكير وأبي مصعب ولم يذكر أحد منهم لفظة " جامد " إلا عبد الرحمن بن مهدي وكذا ذكرها أبو داود الطيالسي في مسنده عن سفيان بن عيينة عن ابن شهاب ورواه الحميدي والحفاظ من أصحاب ابن عيينة بدونها وجودوا إسناده فذكروا فيه ابن عباس وميمونة وهو الصحيح ورواه عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب مجودا ، وله فيه عن ابن شهاب إسناد آخر عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ولفظه " سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الفأرة تقع في السمن قال : إذا كان جامدا فألقوها وما حولها وإن كان مائعا فلا تقربوه " وحكى الترمذي عن البخاري أنه قال في رواية معمر هذه : هي خطأ . وقال ابن أبي حاتم عن أبيه : إنها وهم . وأشار الترمذي إلى أنها شاذة وقال الذهلي في الزهريات : الطريقان عندنا محفوظان لكن طريق ابن عباس عن ميمونة أشهر ، والله أعلم .

وقد استشكل ابن التين إيراد البخاري كلام معن هذا مع كونه غير مخالف لرواية إسماعيل وأجيب بأن مراده أن إسماعيل لم ينفرد بتجويد إسناده . وظهر لي وجه آخر وهو أن رواية معن المذكورة وقعت خارج الموطأ هكذا وقد رواها في الموطأ فلم يذكر ابن عباس ولا ميمونة كذا أخرجه الإسماعيلي وغيره من طريقه فأشار المصنف إلى أن هذا الاختلاف لا يضر ; لأن مالكا كان يصله تارة ويرسله تارة ورواية الوصل عنه مقدمة قد سمعه منه معن بن عيسى مرارا وتابعه غيره من الحفاظ ، والله أعلم .

( فائدة ) : أخذ الجمهور بحديث معمر الدال على التفرقة بين الجامد والذائب ونقل ابن عبد البر الاتفاق على أن الجامد إذا وقعت فيه ميتة طرحت وما حولها منه إذا تحقق أن شيئا من أجزائها لم يصل إلى غير ذلك منه وأما المائع فاختلفوا فيه فذهب الجمهور إلى أنه ينجس كله بملاقاة النجاسة وخالف فريق : منهم الزهري والأوزاعي وسيأتي إيضاح ذلك في كتاب الذبائح وكذلك مسألة الانتفاع بالدهن النجس أو المتنجس إن شاء الله تعالى . قال ابن المنير : مناسبة حديث السمن للآثار التي قبله اختيار المصنف [ ص: 411 ] أن المعتبر في التنجيس تغير الصفات فلما كان ريش الميتة لا يتغير بتغيرها بالموت وكذا عظمها فكذلك السمن البعيد عن موقع الميتة إذا لم يتغير واقتضى ذلك أن الماء إذا لاقته النجاسة ولم يتغير أنه لا يتنجس .

التالي السابق


الخدمات العلمية