صفحة جزء
باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر وكرهه الحسن وأبو العالية وقال عطاء التيمم أحب إلي من الوضوء بالنبيذ واللبن

239 حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان قال حدثنا الزهري عن أبي سلمة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل شراب أسكر فهو حرام
قوله : ( باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر ) هو من عطف العام على الخاص أو المراد بالنبيذ ما لم يبلغ حد الإسكار .

قوله : ( وكرهه الحسن ) أي البصري روى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق من طريقين عنه قال " لا توضأ بنبيذ " وروى أبو عبيد من طريق أخرى عنه أنه لا بأس به فعلى هذا فكراهته عنده على التنزيه .

[ ص: 422 ] قوله : ( وأبو العالية ) روى أبو داود وأبو عبيد من طريق أبي خلدة قال : سألت أبا العالية عن رجل أصابته جنابة وليس عنده ماء أيغتسل به ؟ قال : لا . وفي رواية أبي عبيد : فكرهه .

قوله : ( وقال عطاء ) هو ابن أبي رباح روى أبو داود أيضا من طريق ابن جريج عنه أنه كره الوضوء بالنبيذ واللبن وقال : إن التيمم أحب إلي منه . وذهب الأوزاعي إلى جواز الوضوء بالأنبذة كلها وهو قول عكرمة مولى ابن عباس وروي عن علي وابن عباس ولم يصح عنهما وقيده أبو حنيفة في المشهور عنه بنبيذ التمر واشترط أن لا يكون بحضرة ماء وأن يكون خارج المصر أو القرية ، وخالفه صاحباه فقال محمد : يجمع بينه وبين التيمم قيل إيجابا وقيل استحبابا وهو قول إسحاق . وقال أبو يوسف بقول الجمهور : لا يتوضأ به بحال ، واختاره الطحاوي وذكر قاضي خان أن أبا حنيفة رجع إلى هذا القول لكن في المقيد من كتبهم إذا ألقى في الماء تمرات فحلا ولم يزل عنه اسم الماء جاز الوضوء به بلا خلاف يعني عندهم . واستدلوا بحديث ابن مسعود حيث قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن " ما في إداوتك ؟ قال : نبيذ . قال : ثمرة طيبة وماء طهور " رواه أبو داود والترمذي وزاد " فتوضأ به " وهذا الحديث أطبق علماء السلف على تضعيفه وقيل - على تقدير صحته - إنه منسوخ ; لأن ذلك كان بمكة ونزول قوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا إنما كان بالمدينة بلا خلاف أو هو محمول على ماء ألقيت فيه تمرات يابسة لم تغير له وصفا وإنما كانوا يصنعون ذلك ; لأن غالب مياههم لم تكن حلوة .

قوله : ( عن الزهري ) كذا للأصيلي وغيره ولأبي ذر " حدثنا الزهري " .

قوله : ( كل شراب أسكر ) أي كان من شأنه الإسكار سواء حصل بشربه السكر أم لا قال الخطابي : فيه دليل على أن قليل المسكر وكثيره حرام من أي نوع كان ; لأنها صيغة عموم أشير بها إلى جنس الشراب الذي يكون منه السكر فهو كما لو قال : كل طعام أشبع فهو حلال فإنه يكون دالا على حل كل طعام من شأنه الإشباع وإن لم يحصل الشبع به لبعض دون بعض . ووجه احتجاج البخاري به في هذا الباب أن المسكر لا يحل شربه وما لا يحل شربه لا يجوز الوضوء به اتفاقا والله أعلم . وسيأتي الكلام على حكم شرب النبيذ في الأشربة إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية