صفحة جزء
باب الاستعارة للعروس عند البناء

2485 حدثنا أبو نعيم حدثنا عبد الواحد بن أيمن قال حدثني أبي قال دخلت على عائشة رضي الله عنها وعليها درع قطر ثمن خمسة دراهم فقالت ارفع بصرك إلى جاريتي انظر إليها فإنها تزهى أن تلبسه في البيت وقد كان لي منهن درع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما كانت امرأة تقين بالمدينة إلا أرسلت إلي تستعيره
[ ص: 286 ] قوله : ( باب الاستعارة للعروس عند البناء ) أي الزفاف وقيل له : " بناء " لأنهم يبنون لمن يتزوج قبة يخلو بها مع المرأة . ثم أطلق ذلك على التزويج .

قوله : ( حدثنا عبد الواحد ) تقدم بهذا الإسناد في آخر العتق حديث ، وفيه شرح حال أيمن والد عبد الواحد .

قوله : ( وعليها درع قطر ) الدرع قميص المرأة وهو مذكر قال الجوهري : ودرع الحديد مؤنثة وحكى أبو عبيدة أنه أيضا يذكر ويؤنث . والقطر بكسر القاف وسكون المهملة بعدها راء ، وفي رواية المستملي والسرخسي بضم القاف وآخره نون والقطر ثياب من غليظ القطن وغيره ، وقيل من القطن خاصة وحكى ابن قرقول أنه في رواية ابن السكن والقابسي بالفاء المكسورة آخره راء وهو ضرب من ثياب اليمن تعرف بالقطرية فيها حمرة ، قال البناسي : والصواب بالقاف ، وقال الأزهري الثياب القطرية منسوبة إلى قطر قرية في البحرين فكسروا القاف للنسبة وخففوا .

قوله : ( ثمن خمسة دراهم بنصب ثمن بتقدير فعل . وخمسة بالخفض على الإضافة أو برفع الثمن وخمسة على حذف الضمير ، والتقدير ثمنه خمسة وروي بضم أوله وتشديد الميم على لفظ الماضي ، ونصب خمسة على نزع الخافض أي قوم بخمسة دراهم . ووقع في رواية ابن شبويه وحده " خمسة الدراهم " .

قوله : ( إلى جاريتي ) لم أعرف اسمها .

قوله : ( تزهى ) بضم أوله أي تأنف أو تتكبر ، يقال زهي يزهى إذا دخله الزهو وهو الكبر ، ومنه ما أزهاه ، وهو من الحروف التي جاءت بلفظ البناء للمفعول وإن كانت بمعنى الفاعل مثل عني بالأمر ونتجت الناقة . قلت : ورأيته في رواية أبي ذر " تزهى " بفتح أوله ، وقد حكاها ابن دريد وقال الأصمعي : لا يقال بالفتح .

قوله : ( تقين ) بالقاف أي تزين ، من قان الشيء قيانة أي أصلحه ، والقينة تقال للماشطة وللمغنية وللأمة مطلقا . وحكى ابن التين أنه روي ، " تفين " بالفاء أي تعرض وتجلى على زوجها . قلت : ولم يضبط ما بعد الفاء ، ورأيته بخط بعض الحفاظ بمثناة فوقانية ، قال ابن الجوزي : أرادت عائشة - رضي الله عنها - أنهم كانوا أولا في حال ضيق ، وكان الشيء المحتقر عندهم إذ ذاك عظيم القدر . وفي الحديث أن عارية الثياب للعروس أمر معمول به مرغب فيه وأنه لا يعد من الشنع . وفيه تواضع عائشة ، وأمرها في ذلك مشهور . وفيه حلم [ ص: 287 ] عائشة عن خدمها ، ورفقها في المعاتبة ، وإيثارها بما عندها مع الحاجة إليه ، وتواضعها بأخذها السلفة في حال اليسار مع ما كان مشهورا عنها من الجود رضي الله عنها .

التالي السابق


الخدمات العلمية