صفحة جزء
باب من يجرح في سبيل الله عز وجل

2649 حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة واللون لون الدم والريح ريح المسك
قوله : ( باب من يجرح في سبيل الله ) أي فضله .

قوله : ( لا يكلم ) بضم أوله وسكون الكاف وفتح اللام أي يجرح .

قوله : ( أحد ) قيده في رواية همام عن أبي هريرة بالمسلم .

قوله : ( والله أعلم بمن يكلم في سبيله ) جملة معترضة قصد بها التنبيه على شرطية الإخلاص في نيل هذا الثواب .

[ ص: 25 ] قوله : ( إلا جاء يوم القيامة واللون لون الدم ) في رواية همام عن أبي هريرة الماضية في كتاب الطهارة " تكون يوم القيامة كهيئتها إذا طعنت تفجر دما " .

قوله : ( والريح ريح المسك ) في رواية همام " والعرف " بفتح المهملة وسكون الراء بعدها فاء وهو الرائحة ، ولأصحاب السنن وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم من حديث معاذ بن جبل من جرح جرحا في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت ، لونها الزعفران وريحها المسك وعرف بهذه الزيادة أن الصفة المذكورة لا تختص بالشهيد بل هي حاصلة لكل من جرح ، ويحتمل أن يكون المراد بهذا الجرح هو ما يموت صاحبه بسببه قبل اندماله لا ما يندمل في الدنيا فإن أثر الجراحة وسيلان الدم يزول ، ولا ينفي ذلك أن يكون له فضل في الجملة ، لكن الظاهر أن الذي " يجيء يوم القيامة وجرحه يثعب دما " من فارق الدنيا وجرحه كذلك ، ويؤيده ما وقع عند ابن حبان في حديث معاذ المذكور " عليه طابع الشهداء " وقوله " كأغزر ما كانت " لا ينافي قوله " كهيئتها " لأن المراد لا ينقص شيئا بطول العهد ، قال العلماء : الحكمة في بعثه كذلك أن يكون معه شاهد بفضيلته ببذله نفسه في طاعة الله تعالى . واستدل بهذا الحديث على أن الشهيد يدفن بدمائه وثيابه ولا يزال عنه الدم بغسل ولا غيره ، ليجيء يوم القيامة كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم . وفيه نظر لأنه لا يلزم من غسل الدم في الدنيا أن لا يبعث كذلك ، ويغني عن الاستدلال لترك غسل الشهيد في هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم في شهداء أحد " زملوهم بدمائهم " كما سيأتي بسطه في مكانه إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية