صفحة جزء
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله

2729 حدثنا إسماعيل بن خليل أخبرنا علي بن مسهر أخبرنا يحيى بن سعيد أخبرنا عبد الله بن عامر بن ربيعة قال سمعت عائشة رضي الله عنها تقول كان النبي صلى الله عليه وسلم سهر فلما قدم المدينة قال ليت رجلا من أصحابي صالحا يحرسني الليلة إذ سمعنا صوت سلاح فقال من هذا فقال أنا سعد بن أبي وقاص جئت لأحرسك ونام النبي صلى الله عليه وسلم
[ ص: 96 ] قوله : ( باب الحراسة في الغزو في سبيل الله ) أي بيان ما فيها من الفضل . وذكر فيه حديثين .

أحدهما عن عائشة .

قوله : ( أخبرنا يحيى بن سعيد ) هو الأنصاري ، وعبد الله بن عامر بن ربيعة هو العنزي له رواية ولأبيه صحبة .

قوله : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم سهر ، فلما قدم المدينة قال : ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة ) هكذا في هذه الرواية ولم يبين زمان السهر ، وظاهره أن السهر كان قبل القدوم والقول بعده ، وقد أخرجه مسلم من طريق الليث عن يحيى بن سعيد وقال فيه " سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة ليلة فقال " فذكره ، وظاهره أن السهر والقول معا كانا بعد القدوم ، وقد أخرجه النسائي من طريق أبي إسحاق الفزاري عن يحيى بن سعيد بلفظ " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما قدم المدينة يسهر من الليل " وليس المراد بقدومه المدينة أول قدومه إليها من الهجرة لأن عائشة إذ ذاك لم تكن عنده ولا كان سعد أيضا ممن سبق ، وقد أخرجه أحمد عن يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد بلفظ " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سهر ذات ليلة وهي إلى جنبه ، قالت فقلت : ما شأنك يا رسول الله ؟ الحديث . وقد روى الترمذي من طريق عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية : والله يعصمك من الناس وإسناده حسن واختلف في وصله وإرساله .

قوله : ( جئت لأحرسك ) في رواية الليث المذكورة " فقال وقع في نفسي خوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أحرسه فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

قوله : ( فنام النبي صلى الله عليه وسلم ) زاد المصنف في التمني من طريق سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد " حتى سمعنا غطيطه " . وفي الحديث الأخذ بالحذر والاحتراس من العدو وأن على الناس أن يحرسوا سلطانهم خشية القتل . وفيه الثناء على من تبرع بالخير وتسميته صالحا ، وإنما عانى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مع قوة توكله للاستنان به في ذلك ، وقد ظاهر بين درعين مع أنهم كانوا إذا اشتد البأس كان أمام الكل . وأيضا فالتوكل لا ينافي تعاطي الأسباب لأن التوكل عمل القلب وهي عمل البدن وقد قال إبراهيم عليه السلام ولكن ليطمئن قلبي وقال عليه الصلاة والسلام " اعقلها وتوكل " قال ابن بطال : نسخ ذلك كما دل عليه حديث عائشة ; وقال القرطبي : ليس في الآية ما ينافي الحراسة كما أن إعلام الله نصر دينه وإظهاره [ ص: 97 ] ما يمنع الأمر بالقتال وإعداد العدد ، وعلى هذا فالمراد العصمة من الفتنة والإضلال أو إزهاق الروح والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية