صفحة جزء
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب وقال ابن عباس أخبرني أبو سفيان قال لي قيصر سألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم فزعمت ضعفاءهم وهم أتباع الرسل

2739 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا محمد بن طلحة عن طلحة عن مصعب بن سعد قال رأى سعد رضي الله عنه أن له فضلا على من دونه فقال النبي صلى الله عليه وسلم هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم
[ ص: 104 ] قوله : ( باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب ) أي ببركتهم ودعائهم .

قوله : ( وقال ابن عباس أخبرني أبو سفيان ) أي ابن حرب فذكر طرفا من الحديث الطويل وقد تقدم موصولا في بدء الوحي ، والغرض منه قوله في الضعفاء : وهم أتباع الرسل " وطريق الاحتجاج به حكاية ابن عباس ذلك وتقريره له . ثم ذكر في الباب حديثين :

الأول قوله : ( حدثنا محمد بن طلحة ) أي أبو مصرف .

وقوله : ( عن طلحة ) أي ابن مصرف وهو والد محمد بن طلحة الراوي عنه و " مصعب بن سعد " أي ابن أبي وقاص وقوله : ( رأى سعد ) أي ابن أبي وقاص وهو والد مصعب الراوي عنه . ثم إن صورة هذا السياق مرسل لأن مصعبا يدرك زمان هذا القول ، لكن هو محمول على أنه سمع ذلك من أبيه ، وقد وقع التصريح عن مصعب بالرواية له عن أبيه عند الإسماعيلي فأخرجه من طريق معاذ بن هانئ حدثنا محمد بن طلحة فقال فيه : عن مصعب بن سعد عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر المرفوع دون ما في أوله ، وكذا أخرجه هو والنسائي من طريق مسعر عن طلحة بن مصرف عن مصعب عن أبيه ولفظه " أنه ظن أن له فضلا على من دونه " الحديث ، ورواه عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد عن أبيه مرفوعا أيضا لكنه اختصره ولفظه " ينصر المسلمون بدعاء المستضعفين " أخرجه أبو نعيم في ترجمته في " الحلية " من رواية عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالاني عن عمرو بن مرة وقال : غريب من حديث عمرو تفرد به عبد السلام .

قوله : ( رأى ) أي ظن وهي رواية النسائي .

قوله : ( على من دونه ) زاد النسائي " من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي بسبب شجاعته ونحو ذلك .

قوله : ( هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ) في رواية النسائي " إنما نصر الله هذه الأمة بضعفتهم بدعواتهم وصلاتهم وإخلاصهم " وله شاهد من حديث أبي الدرداء عند أحمد والنسائي بلفظ " إنما تنصرون [ ص: 105 ] وترزقون بضعفائكم " قال ابن بطال : تأويل الحديث أن الضعفاء أشد إخلاصا في الدعاء وأكثر خشوعا في العبادة لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا ، وقال المهلب : أراد صلى الله عليه وسلم بذلك حض سعد على التواضع ونفي الزهو على غيره وترك احتقار المسلم في كل حالة ، وقد روى عبد الرزاق من طريق مكحول في قصة سعد هذه زيادة مع إرسالها فقال : قال سعد يا رسول الله أرأيت رجلا يكون حامية القوم ويدفع عن أصحابه أيكون نصيبه كنصيب غيره " ؟ فذكر الحديث ، وعلى هذا فالمراد بالفضل إرادة الزيادة من الغنيمة ، فأعلمه صلى الله عليه وسلم أن سهام القاتلة سواء فإن كان القوي يترجح بفضل شجاعته فإن الضعيف يترجح بفضل دعائه وإخلاصه ، وبهذا يظهر السر في تعقيب المصنف له بحديث أبي سعيد الثاني .

التالي السابق


الخدمات العلمية