صفحة جزء
باب ما جاء في قوله وهو الذي أرسل الرياح نشرا بين يدي رحمته قاصفا تقصف كل شيء لواقح ملاقح ملقحة إعصار ريح عاصف تهب من الأرض إلى السماء كعمود فيه نار صر برد نشرا متفرقة

3033 حدثنا آدم حدثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور
[ ص: 347 ] قوله : ( باب ما جاء في قوله تعالى وهو الذي يرسل الرياح نشرا بين يدي رحمته نشرا بضم النون والمعجمة وسيأتي تفسيره في الباب .

قوله : ( قاصفا تقصف كل شيء ) يريد تفسير قوله تعالى فيرسل عليكم قاصفا من الريح قال أبو عبيدة هي التي تقصف كل شيء أي تحطم ، وروى الطبري من طريق ابن جريج قال : قال ابن عباس القاصف التي تفرق ، هكذا ذكره منقطعا .

قوله : ( لواقح ملاقح ملقحة ) يريد تفسير قوله تعالى وأرسلنا الرياح لواقح وأن أصل لواقح ملاقح وواحدها ملقحة ، وهو قول أبي عبيدة وفاقا لابن إسحاق ، وأنكره غيرهما قالوا لواقح جمع لاقحة ولاقح ، وقال الفراء : فإن قيل الريح ملقحة لأنها تلقح الشجر فكيف قيل لها لواقح ؟ فالجواب على وجهين : أحدهما أن تجعل الريح هي التي تلقح بمرورها على التراب والماء فيكون فيها اللقاح فيقال ريح لاقح كما يقال ماء ملاقح ، ويؤيده وصف ريح العذاب بأنها عقيم . ثانيهما أن وصفها باللقح لكون اللقح يقع فيها كما تقول : ليل نائم ، وقال الطبري : الصواب أنها لاقحة من وجه ملقحة من وجه لأن لقحها حملها الماء ، وإلقاحها عملها في السحاب . ثم أخرج من طريق قوي عن ابن مسعود قال " يرسل الله الرياح فتحمل الماء فتلقح السحاب ، وتمر به فتدر كما تدر اللقحة ، ثم تمطر " وقال الأزهري : جعل الريح لاقحا لأنها تقل السحاب وتصرفه ، ثم تمر به فتستدره ، والعرب تقول للريح الجنوب : لاقح وحامل ، وللشمال : حائل وعقيم .

قوله : ( إعصار : ريح عاصف تهب من الأرض إلى السماء كعمود فيه نار ) يريد تفسير قوله تعالى فأصابها إعصار وهو تفسير أبي عبيدة بلفظه ، وروى الطبري عن السدي قال : الإعصار الريح ، والنار السموم . وعن الضحاك قال : الإعصار ريح فيها برد شديد والأول أظهر لقوله تعالى فيه نار .

قوله : ( صر : برد ) يريد تفسير قوله تعالى ريح فيها صر قال أبو عبيدة : الصر شدة البرد . وقد أخرج ابن أبي حاتم من طريق معمر قال كان الحسن يقول فأصابها إعصار يقول صر برد . كذا قال .

قوله : ( نشرا متفرقة ) هو مقتضى كلام أبي عبيدة فإنه قال : قوله : ( نشرا ) أي من كل مهب وجانب وناحية . ثم ذكر المصنف في الباب حديثين : أحدهما حديث ابن عباس .

قوله : ( عن الحكم ) هو ابن عتيبة بالمثناة والموحدة مصغر .

[ ص: 348 ] قوله : ( نصرت بالصبا ) بفتح المهملة وتخفيف الموحدة مقصور هي الريح الشرقية ، والدبور بفتح أوله وتخفيف الموحدة المضمومة مقابلها ، يشير صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى في قصة الأحزاب فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وروى الشافعي بإسناد فيه انقطاع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال نصرت بالصبا ، وكانت عذابا على من كان قبلنا وقيل إن الصبا هي التي حملت ريح قميص يوسف إلى يعقوب قبل أن يصل إليه ، قال ابن بطال : في هذا الحديث تفضيل بعض المخلوقات على بعض ، وفيه إخبار المرء عن نفسه بما فضله الله به على سبيل التحدث بالنعمة لا على الفخر ، وفيه الإخبار عن الأمم الماضية وإهلاكها .

التالي السابق


الخدمات العلمية