صفحة جزء
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب أحاديث الأنبياء باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته صلصال طين خلط برمل فصلصل كما يصلصل الفخار ويقال منتن يريدون به صل كما يقال صر الباب وصرصر عند الإغلاق مثل كبكبته يعني كببته فمرت به استمر بها الحمل فأتمته أن لا تسجد أن تسجد وقول الله تعالى وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قال ابن عباس لما عليها حافظ إلا عليها حافظ في كبد في شدة خلق ورياشا المال وقال غيره الرياش والريش واحد وهو ما ظهر من اللباس ما تمنون النطفة في أرحام النساء وقال مجاهد إنه على رجعه لقادر النطفة في الإحليل كل شيء خلقه فهو شفع السماء شفع والوتر الله عز وجل في أحسن تقويم في أحسن خلق أسفل سافلين إلا من آمن خسر ضلال ثم استثنى إلا من آمن لازب لازم ننشئكم في أي خلق نشاء نسبح بحمدك نعظمك وقال أبو العالية فتلقى آدم من ربه كلمات فهو قوله ربنا ظلمنا أنفسنا فأزلهما فاستزلهما و يتسنه يتغير آسن متغير والمسنون المتغير حمإ جمع حمأة وهو الطين المتغير يخصفان أخذ الخصاف من ورق الجنة يؤلفان الورق ويخصفان بعضه إلى بعض سوآتهما كناية عن فرجيهما ومتاع إلى حين ها هنا إلى يوم القيامة الحين عند العرب من ساعة إلى ما لا يحصى عدده قبيله جيله الذي هو منهم

3148 حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا ثم قال اذهب فسلم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحيونك تحيتك وتحية ذريتك فقال السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله فكل من يدخل الجنة على صورة آدم فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن
[ ص: 416 ] قوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم : كتاب أحاديث الأنبياء ) كذا في رواية كريمة في بعض النسخ ، وفي رواية أبي علي بن شبويه نحوه ، وقدم الآية الآتية في الترجمة على الباب ، ووقع في ذكر عدد الأنبياء ، وحديث أبي ذر مرفوعا أنهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا ، الرسل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر صححه ابن حبان . والأنبياء جمع نبي ، وقد قرئ بالهمزة فقيل هو الأصل وتركه تسهيل ، وقيل الذي بالهمز من النبإ والذي بغير همز من النبوة وهي الرفعة ، والنبوة نعمة يمن بها على من يشاء ولا يبلغها أحد بعلمه ولا كشفه ولا يستحقها باستعداد ولايته ، ومعناها الحقيقي شرعا من حصلت له النبوة . وليست راجعة إلى جسم النبي ولا إلى عرض من أعراضه ، بل ولا إلى علمه بكونه نبيا ، بل المرجع إلى إعلام الله له بأني نبأتك أو جعلتك نبيا . وعلى هذا فلا تبطل بالموت كما لا تبطل بالنوم والغفلة .

[ ص: 417 ] [ ص: 418 ] [ ص: 419 ] قوله : ( باب خلق آدم وذريته ) ذكر المصنف آثارا ، ثم أحاديث تتعلق بذلك ، ومما لم يذكره ما رواه الترمذي والنسائي والبزار وصححه ابن حبان من طريق سعيد المقبري وغيره عن أبي هريرة مرفوعا إن الله خلق آدم من تراب فجعله طينا ثم تركه ، حتى إذا كان حمأ مسنونا خلقه وصوره ثم تركه ، حتى إذا كان صلصالا كالفخار كان إبليس يمر به فيقول : لقد خلقت لأمر عظيم ; ثم نفخ الله فيه من روحه . وكان أول ما جرى فيه الروح بصره وخياشيمه ، فعطس فقال : الحمد لله . فقال الله : يرحمك ربك الحديث . وفي الباب عدة أحاديث : منها حديث أبي موسى مرفوعا إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان . ومنها حديث أنس رفعه لما خلق الله آدم تركه ما شاء أن يدعه ، فجعل إبليس يطيف به ; فلما رآه أجوف عرف أنه لا يتمالك رواه أحمد ومسلم . وآدم اسم سرياني وهو عند أهل الكتاب آدام بإشباع فتحة الدال بوزن خانام وزنه فاعال ، وامتنع صرفه للعجمة والعلمية . وقال الثعلبي التراب بالعبرانية آدام فسمي آدم به ، وحذفت الألف الثانية . وقيل هو عربي جزم به الجوهري والجواليقي . وقيل هو بوزن أفعل من الأدمة وقيل : من الأديم لأنه خلق من أديم الأرض وهذا عن ابن عباس ، ووجهوه بأن يكون كأعين ومنع الصرف للوزن والعلمية ، وقيل هو من أدمت بين الشيئين إذا خلطت بينهما لأنه كان ماء وطينا فخلطا جميعا .

قوله : ( صلصال : طين خلط برمل فصلصل كما يصلصل الفخار ) هو تفسير الفراء ، هكذا ذكره [ ص: 420 ] وقال أبو عبيدة : الصلصال اليابس الذي لم تصبه نار ، فإذا نقرته صل فسمعت له صلصلة ، فإذا طبخ بالنار فهو فخار . وكل شيء له صوت فهو صلصال . وروى الطبري عن قتادة بإسناد صحيح نحوه .

قوله : ( ويقال منتن يريدون به صل كما يقولون صر الباب وصرصر عند الإغلاق مثل كبكبته يعني كببته ) أما تفسيره بالمنتن فرواه الطبري عن مجاهد ، وروى عن ابن عباس أن المنتن تفسيره المسنون ، وأما بقيته فكأنه من كلام المصنف .

قوله : ( فمرت به استمر بها الحمل فأتمته ) هو قول أبي عبيدة .

قوله : ( أن لا تسجد : أن تسجد ) يعني أن " لا " زائدة ، وأخذه من كلام أبي عبيدة ، وكذا قاله وزاد : و " لا " من حروف الزوائد كما قال الشاعر :

وتلحينني في اللهو أن لا أحبه وللهو داع دائب غير غافل

وقيل ليست زائدة ، بل فيه حذف تقديره ما منعك من السجود فحملك على أن لا تسجد ؟

قوله : ( وقول الله عز وجل : وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة كذا وقع هنا ، ووقع في رواية أبي علي بن شبويه في صدر الترجمة وهو أولى ومثله للنسفي ، ولبعضهم هنا " باب " والمراد بالخليفة آدم أسنده الطبري من طريق ابن سابط مرفوعا قال : والأرض مكة ، وذكر الطبري أن مقتضى ما نقله السدي عن مشايخه أنه خليفة الله في الأرض ، ومن وجه آخر أنهم يعنون بني آدم يخلف بعضهم بعضا ، ومن ثم قالت الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها الآية ، وحكى الماوردي قولين آخرين أنه خليفة الملائكة أو خليفة الجن وكل منهما بناء على أنه كان في الأرض من سكنها قبلآدم ، وذكر الطبري قال : زعم أبو عبيدة أن " إذ " في قوله : وإذ قال ربك صلة ، ورد عليه فقال القرطبي : إن جميع المفسرين ردوه حتى قال الزجاج إنها جرأة من أبي عبيدة .

قوله : ( لما عليها حافظ إلا عليها حافظ ) وصله ابن أبي حاتم وزاد إلا عليها حافظ من الملائكة ، وقال أبو عبيدة في قوله : إن كل نفس لما عليها حافظ ما زائدة .

قوله : ( في كبد : في شدة خلق ) هو قول ابن عباس أيضا ، رويناه في تفسير ابن عيينة بإسناد صحيح ، وزاد في آخره " ثم ذكر مولده ونبات أسنانه " وأخرجه الحاكم في " المستدرك " وقال أبو عبيدة الكبد الشدة ، قال لبيد :

يا عين هلا بكيت أربد إذ     قمنا وقام الخصوم في كبد



قوله : ( ورياشا : المال ) هو قول ابن عباس أيضا ، وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه .

قوله : ( وقال غيره الرياش والريش واحد ، وهو ما ظهر من اللباس ) هو قول أبي عبيدة ، وزاد : تقول أعطاني ريشه أي كسوته ، قال : والرياش أيضا المعاش .

قوله : ( ما تمنون : النطفة في أرحام النساء ) هو قول الفراء قال : يقال أمنى ومنى ، والأول أكثر وقوله " تمنون " يعني النطف إذا قذفت في أرحام النساء ( أأنتم تخلقون ذلك أم نحن ) .

[ ص: 421 ] قوله : ( وقال مجاهد على رجعه لقادر النطفة في الإحليل ) وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عنه ، وقيل : معناه قادر على رجع النطفة التي في الإحليل إلى الصلب وهو محتمل ، ويعكر على تفسير مجاهد أن بقية الآيات دالة على أن الضمير للإنسان ورجعه يوم القيامة لقوله : يوم تبلى السرائر إلخ .

قوله : ( كل شيء خلقه فهو شفع السماء شفع والوتر الله ) هو قول مجاهد أيضا ، وصله الفريابي والطبري ولفظه " كل خلق الله شفع : السماء ، والأرض ، والبر والبحر ، والجن والإنس ، والشمس والقمر ونحو هذا شفع ، والوتر الله وحده ، وبهذا زال الإشكال ، فإن ظاهر إيراد المصنف في اقتصاره على قوله : " السماء شفع " يعترض عليه بأن السماوات سبع والسبع ليس بشفع ، وليس ذلك مراد مجاهد وإنما مراده كل شيء له مقابل يقابله ويذكر معه فهو بالنسبة إليه شفع ، كالسماء والأرض والإنس والجن إلخ ، وروى الطبري عن مجاهد أيضا قال في قوله تعالى ومن كل شيء خلقنا زوجين الكفر والإيمان ، والشقاء والسعادة ، والهدى والضلالة ، والليل والنهار ، والسماء والأرض ، والجن والإنس ، والوتر الله . وروي من طريق أبي صالح نحوه . وأخرج عن ابن عباس من طريق صحيحة أنه قال : الوتر يوم عرفة والشفع يوم الذبح ، وفي رواية أيام الذبح . وهذا يناسب ما فسروا به قوله قبل ذلك وليال عشر أن المراد بها عشر ذي الحجة .

قوله : ( في أحسن تقويم في أحسن خلق أسفل سافلين إلا من آمن ) هو تفسير مجاهد أخرجه الفريابي أيضا .

قوله : ( خسر : ضلال ثم استثنى فقال إلا من آمن ) هو تفسير مجاهد أخرجه الفريابي أيضا ، قال في قوله : إن الإنسان لفي خسر يعني في ضلال ، ثم استثنى فقال " إلا من آمن " وكأنه ذكره بالمعنى ، وإلا فالتلاوة إلا الذين آمنوا

قوله : ( لازب : لازم ) يريد تفسير قوله تعالى : فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب وقد روى الطبري عن مجاهد في قوله : من طين لازب قال لازق . ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : من التراب والماء يصير طينا يلزق . وأما تفسيره باللازم فكأنه بالمعنى ، وهو تفسير أبي عبيدة قال : معنى اللازب اللازم ، قال النابغة

ولا يحسبون الشر ضربة لازب

أي لازم .

قوله : ( ننشئكم في أي خلق نشاء ) كأنه يريد تفسير قوله تعالى وننشئكم في ما لا تعلمون وقوله في أي خلق نشاء هو تفسير قوله : فيما لا تعلمون .

قوله : ( نسبح بحمدك : نعظمك ) هو تفسير مجاهد ، نقله الطبري وغيره عنه .

قوله : ( وقال أبو العالية فتلقى آدم هو قوله تعالى ربنا ظلمنا أنفسنا وصله الطبري بإسناد حسن ، واستشكل بأن ظاهر الآيات أن هذا التلقي كان قبل الهبوط لأن بعده قلنا اهبطوا منها جميعا ويمكن الجواب بأن قوله قلنا اهبطوا كان سابقا للتلقي ، وليس في الآيات صيغة ترتيب .

قوله : ( وقال فأزلهما : استزلهما ، ويتسنه : يتغير . آسن : المسنون المتغير . حمأ : جمع حمأة وهو الطين المتغير ) كذا وقع عند أبي ذر ، وهو يوهم أنه من كلام أبي العالية ، وليس كذلك بل هي من تفسير [ ص: 422 ] أبي عبيدة ، وكأنه كان في الأصل : وقال غيره . ووقع في رواية الأصيلي وغيره بحذف " قال " فكأن الأمر فيه أشكل . وقوله : فأزلهما " أي دعاهما إلى الزلة ، وإيراد قوله " يتسنه يتغير " في أثناء قصة آدم ذكر بطريق التبعية للمسنون لأنه قد يقال إنه مشتق منه ، قال الكرماني هنا بعد أن قال إن تفسير يتسنه وآسن : لعله ذكره بالتبعية لقوله مسنون ، وفي هذا تكثير لحجم الكتاب لا لتكثير الفوائد ، والله أعلم بمقصوده . قلت : وليس من شأن الشارح أن يعترض على الأصل بمثل هذا ، ولا ارتياب في أن إيراد شرح غريب الألفاظ الواردة في القرآن فوائد ، وادعاؤه نفي الفائدة مردود ، وهذا الكتاب وإن كان أصل موضوعه إيراد الأحاديث الصحيحة فإن أكثر العلماء فهموا من إيراده أقوال الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار أن مقصوده أن يكون كتابه جامعا للرواية والدراية ، ومن جملة الدراية شرح غريب الحديث . وجرت عادته أن الحديث إذا وردت فيه لفظة غريبة وقعت أو أصلها أو نظيره في القرآن أن يشرح اللفظة القرآنية فيفيد تفسير القرآن وتفسير الحديث معا ، ولما لم يجد في بدء الخلق وقصص الأنبياء ونحو ذلك أحاديث توافق شرطه سد مكانها ببيان تفسير الغريب الواقع في القرآن ، فكيف يسوغ نفي الفائدة عنه .

قوله : ( يخصفان أخذ الخصاف من ورق الجنة يؤلفان الورق ويخصفان بعضه إلى بعض ) هو تفسير أبي عبيدة ، وروى الطبري عن مجاهد في قوله : ( يخصفان ) قال : يرقعان كهيئة الثوب ، وتقول العرب خصفت النعل أي خرزتها .

قوله : ( سوآتهما كناية عن فرجيهما ) هو تفسير أبي عبيدة أيضا .

قوله : ( ومتاع إلى حين الحين عند العرب من ساعة إلى ما لا يحصى عدده وهو هنا إلى يوم القيامة ) قال أبو عبيدة في قوله ومتاع إلى حين : أي إلى وقت يوم القيامة ، ورواه الطبري من طريق ابن عباس نحوه .

قوله : ( قبيله جيله الذي هو منهم ) هو تفسير أبي عبيدة أيضا وروى الطبري عن مجاهد في قوله وقبيله قال : الجن والشياطين . ثم ذكر المصنف في الباب أحد عشر حديثا أفرد الأخير منها بباب في بعض النسخ :

الحديث الأول حديث أبي هريرة خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا كذا وقع من هذا الوجه ، وعبد الله الراوي عن معمر هو ابن المبارك ، وقد رواه عبد الرزاق عن معمر فقال خلق الله آدم على صورته وطوله ستون ذراعا وهذه الرواية تأتي في أول الاستئذان ، وقد تقدم الكلام على معنى هذه اللفظة في أثناء كتاب العتق ، وهذه الرواية تؤيد قول من قال إن الضمير لآدم ، والمعنى أن الله تعالى أوجده على الهيئة التي خلقه عليها لم ينتقل في النشأة أحوالا ولا تردد في الأرحام أطوارا كذريته بل خلقه الله رجلا كاملا سويا من أول ما نفخ فيه الروح ، ثم عقب ذلك بقوله وطوله ستون ذراعا فعاد الضمير أيضا على آدم ، وقيل معنى قوله " على صورته : أي لم يشاركه في خلقه أحد ، إبطالا لقول أهل الطبائع . وخص بالذكر تنبيها بالأعلى على الأدنى ، والله أعلم

قوله : ( ستون ذراعا ) يحتمل أن يريد بقدر الذراع المتعارف يومئذ عند المخاطبين ، والأول أظهر [ ص: 423 ] لأن ذراع كل أحد بقدر ربعه فلو كان بالذراع المعهود لكانت يده قصيرة في جنب طول جسده

قوله : ( فلما خلقه قال : اذهب فسلم ) سيأتي شرحه في أول الاستئذان .

قوله : ( فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ) أي على صفته ، وهذا يدل على أن صفات النقص من سواد وغيره تنتفي عند دخول الجنة ، وقد تقدم بيان ذلك في " باب صفة الجنة " وزاد عبد الرزاق في روايته هنا وطوله ستون ذراعا وإثبات الواو فيه لئلا يتوهم أن قوله " طوله " تفسير لقوله على صورة آدم وعلى هذا فقوله " طوله " إلخ " من الخاص بعد العام ، ووقع عند أحمد من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا كان طول آدم ستين ذراعا في سبعة أذرع عرضا وأما ما روى عبد الرزاق من وجه آخر مرفوعا أن آدم لما أهبط كانت رجلاه في الأرض ورأسه في السماء ، فحطه الله إلى ستين ذراعا فظاهره أنه كان مفرط الطول في ابتداء خلقه ، وظاهر الحديث الصحيح أنه خلق في ابتداء الأمر على طول ستين ذراعا وهو المعتمد ، وروى ابن أبي حاتم بإسناد حسن عن أبي بن كعب مرفوعا أن الله خلق آدم رجلا طوالا كثير شعر الرأس كأنه نخلة سحوق .

قوله : ( فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن ) أي أن كل قرن يكون نشأته في الطول أقصر من القرن الذي قبله ، فانتهى تناقص الطول إلى هذه الأمة واستقر الأمر على ذلك . وقال ابن التين قوله فلم يزل الخلق ينقص أي كما يزيد الشخص شيئا فشيئا ، ولا يتبين ذلك فيما بين الساعتين ولا اليومين حتى إذا كثرت الأيام تبين ، فكذلك هذا الحكم في النقص ، ويشكل على هذا ما يوجد الآن من آثار الأمم السالفة كديار ثمود فإن مساكنهم تدل على أن قاماتهم لم تكن مفرطة الطول على حسب ما يقتضيه الترتيب السابق ، ولا شك أن عهدهم قديم ، وأن الزمان الذي بينهم وبين آدم دون الزمان الذي بينهم وبين أول هذه الأمة ، ولم يظهر لي إلى الآن ما يزيل هذا الإشكال .

التالي السابق


الخدمات العلمية