صفحة جزء
باب فلما جاء آل لوط المرسلون قال إنكم قوم منكرون بركنه بمن معه لأنهم قوته تركنوا تميلوا فأنكرهم و نكرهم واستنكرهم واحد يهرعون يسرعون دابر آخر صيحة هلكة للمتوسمين للناظرين لبسبيل لبطريق

3196 حدثنا محمود حدثنا أبو أحمد حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد الله رضي الله عنه قال قرأ النبي صلى الله عليه وسلم فهل من مدكر
قوله : ( باب فلما جاء آل لوط المرسلون قال إنكم قوم منكرون ) أي أنكرهم لوط .

قوله : ( بركنه بمن معه لأنهم قوته ) هو تفسير الفراء . وقال أبو عبيدة : فتولى بركنه وبجانبه سواء ، إنما يعني ناحيته . وقال في قوله : أو آوي إلى ركن شديد أي عشيرة عزيزة منيعة . كذا أورد المصنف هذه الجملة في قصة لوط ، وهو وهم فإنها من قصة موسى والضمير لفرعون ، والسبب في ذلك أن ذلك وقع تلو قصة لوط حيث قال تعالى في آخر قصة لوط وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم ثم قال عقب ذلك وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين فتولى بركنه أو ذكره استطرادا لقوله في قصة لوط أو آوي إلى ركن شديد .

قوله : ( تركنوا : تميلوا ) قال أبو عبيدة في قوله : ولا تركنوا إلى الذين ظلموا لا تعدلوا إليهم ولا تميلوا ، تقول : ركنت إلى قولك أي أحببته وقبلته ، وهذه الآية لا تتعلق بقصة لوط أصلا . ثم ظهر لي أنه ذكر هذه اللفظة من أجل مادة " ركن " بدليل إيراده ، الكلمة الأخرى وهي " ولا تركنوا " .

قوله : ( فأنكرهم ونكرهم واستنكرهم واحد ) قال أبو عبيدة : نكرهم وأنكرهم واحد وكذلك استنكرهم ، وهذا الإنكار من إبراهيم غير الإنكار من لوط ، لأن إبراهيم أنكرهم لما لم يأكلوا من طعامه ، وأما لوط فأنكرهم لما لم يبالوا بمجيء قومه إليهم ، ولكن لها تعلق مع كونها لإبراهيم بقصة لوط .

قوله : ( يهرعون يسرعون ) قال أبو عبيدة : يهرعون إليه أي يستحثون إليه ، قال الشاعر

بمعجلات نحوهم نهارع

أي نسارع . وقيل معناه يزعجون مع الإسراع .

[ ص: 480 ] قوله : ( دابر آخر ) قال أبو عبيدة في تفسير قوله إن دابر هؤلاء أي آخرهم .

قوله : ( صيحة هلكة ) هو تفسير قوله : إن كانت إلا صيحة واحدة ولم أعرف وجه دخوله هنا ، لكن لعله أشار إلى قوله : فأخذتهم الصيحة مشرقين فإنها تتعلق بقوم لوط .

قوله : ( للمتوسمين للناظرين ) قال الفراء في قوله تعالى إن في ذلك لآيات للمتوسمين أي للمتفكرين ، ويقال للناظرين المتفرسين ، وقال أبو عبيدة أي المتبصرين المتثبتين .

قوله : ( لبسبيل لبطريق ) هو تفسير أبي عبيدة ; والضمير في قوله " وإنها " يعود على مدائن قوم لوط ، وقيل يعود على الآيات .

ثم أورد المصنف حديث عبد الله وهو ابن مسعود قال " قرأ النبي صلى الله عليه وسلم : فهل من مدكر " يعني بالدال المهملة ، وسيأتي بيان ذلك في تفسير القمر .

( تنبيهان ) :

أحدهما هذه التفاسير وقعت في رواية المستملي وحده .

( ثانيهما ) : أورد المصنف عقب هذا قصة ثمود وصالح ، وقد قدمتها في مكانها عقب قصة عاد وهود ، وكأن السبب في إيرادها أنه لما أورد التفاسير من سورة الحجر كان آخرها قوله : وإنها لبسبيل مقيم ، إن في ذلك لآيات للمتوسمين ، وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين ، فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين ، ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين إلخ فجاءت قصة ثمود وهم أصحاب الحجر في هذه السورة تالية لقصة قوم لوط وتخلل بينهما قصة أصحاب الأيكة مختصرة فأوردها من أوردها على ذلك ، وقد قدمت الاعتذار عن ذلك فيما مضى .

التالي السابق


الخدمات العلمية