صفحة جزء
باب قول الله تعالى واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين إلى قوله يرزق من يشاء بغير حساب قال ابن عباس وآل عمران المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد صلى الله عليه وسلم يقول إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهم المؤمنون ويقال آل يعقوب أهل يعقوب فإذا صغروا آل ثم ردوه إلى الأصل قالوا أهيل

3248 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال حدثني سعيد بن المسيب قال قال أبو هريرة رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان غير مريم وابنها ثم يقول أبو هريرة وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم
[ ص: 541 ] قوله : ( باب قول الله تعالى : واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا ) وقوله : إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة وقوله : إن الله اصطفى آدم ونوحا هذه الترجمة معقودة لأخبار مريم عليها السلام ، وقد قدمت شيئا من شأنها في الباب الذي قبله . ومريم بالسريانية الخادم ، وسميت به والدة عيسى فامتنع الصرف للتأنيث والعلمية ، ويقال إن مريم بلسان العرب من تكثر من زيارة الرجال من النساء كالزير وهو من يكثر زيارة النساء ، واستشهد من زعم هذا بقول رؤبة

قلت لزير لم تصله مريمه

حكاه أبو حيان في تفسير سورة البقرة ، وفيه نظر .

قوله : ( قال ابن عباس : وآل عمران المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد صلى الله عليه وسلم يقول : إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه ، وهم المؤمنون ) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه ، وحاصله أن المراد بالاصطفاء بعض آل عمران وإن كان اللفظ عاما فالمراد به الخصوص .

قوله : ( ويقال آل يعقوب أهل يعقوب ، إذا صغروا آل ردوه إلى الأصل قالوا أهيل ) اختلف في " آل " فقيل أصله أهل فقلبت الهاء همزة بدليل ظهور ذلك في التصغير وهو يرد الأشياء إلى أصلها ، وهذا قول سيبويه والجمهور ، وقيل : أصله أول من آل يئول إذا رجع لأن الإنسان يرجع إلى أهله ، فتحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا ، وتصغيره على أويل .

قوله : ( عن الزهري قال حدثني سعيد بن المسيب ) كذا قال أكثر أصحاب الزهري ، وقال السدي : عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أخرجه الطبري .

قوله : ( ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد ) في رواية سعيد بن المسيب عن أبي هريرة الماضية في " باب صفة إبليس " بيان المس المذكور لفظه كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعه حين يولد ، غير عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب أي في المشيمة التي فيها الولد قال القرطبي : هذا الطعن من الشيطان هو ابتداء التسليط ، فحفظ الله مريم وابنها منه ببركة دعوة أمها حيث قالت : إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ولم يكن لمريم ذرية غير عيسى . ووقع في رواية معمر عن الزهري عند مسلم إلا نخسه الشيطان بنون وخاء معجمة ثم مهملة .

قوله : ( فيستهل صارخا من مس الشيطان ) في رواية معمر المذكورة " من نخسة الشيطان " أي سبب صراخ الصبي أول ما يولد الألم من مس الشيطان إياه ، والاستهلال الصياح .

[ ص: 542 ] قوله : ( غير مريم وابنها ) تقدم في " باب إبليس " بذكر عيسى خاصة فيحتمل أن يكون هذا بالنسبة إلى المس وذاك بالنسبة إلى الطعن في الجنب ، ويحتمل أن يكون ذاك قبل الإعلام بما زاد ، وفيه بعد لأنه حديث واحد ، وقد رواه خلاس عن أبي هريرة بلفظ كل بني آدم قد طعن الشيطان فيه حين ولد غير عيسى وأمه جعل الله دون الطعنة حجابا فأصاب الحجاب ولم يصبهما والذي يظهر أن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ الآخر ، والزيادة من الحافظ مقبولة ، وأما قول بعضهم يحتمل أن يكون من العطف التفسيري والمقصود الابن كقولك أعجبني زيد وكرمه فهو تعسف شديد .

قوله : ( ثم يقول أبو هريرة : وإني أعيذها بك إلخ ) فيه بيان لأن في رواية أبي صالح عن أبي هريرة إدراجا وأن تلاوة الآية موقوفة على أبي هريرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية